والباقون ذُكروا قبله، والحديث متفق عليه، وقد تقدّم شرحه، وبيان مسائله.
[تنبيه]: قوله: (وَلَا تُخَمِّرُوا رَأسَهُ، وَلَا وَجْهَهُ) وفي رواية أبي بشر، عن سعيد بن جبير:"خارجٌ رأسه، ووجهه"، وفي رواية أبي الزبير، عن سعيد:"فأمرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يغسلوه بماء وسدر، وأن يكشفوا وجهه"، وفي رواية منصور، عن سعيد:"ولا تُغَطُّوا وجهه".
قال السنديّ رحمه الله في "شرح النسائيّ": قيل: كشف الوجه ليس لمراعاة الإحرام، وإنما هو لصيانة الرأس من التغطية، كذا ذكره النوويّ، وزعم أن هذا التأويل لازم عند الكل.
قال السنديّ: ظاهر الحديث يفيد أن المحرم يجب عليه كشف وجهه أيضًا، وأن الأمر بكشف وجه الميت لمراعاة الإحرام، نعم من لا يقول بمراعاة إحرام الميت يحمل الحديث على الخصوص، ولا يلزم منه أن يؤول الحديث، كما قال النوويّ، والله أعلم.
قال الحافظ رحمه الله: واستُدِلّ بذلك على بقاء إحرامه؛ خلافًا للمالكيّة، والحنفيّة، وقد تمسّكوا من هذا الحديث بلفظة اختُلف في ثبوتها، وهي قوله:"ولا تخمّروا وجهه"، فقالوا: لا يجوز للمحرم تغطية وجهه، مع أنهم لا يقولون بظاهر هذا الحديث فيمن مات محرمًا. وأما الجمهور، فأخذوا بظاهر الحديث، وقالوا: إن في ثبوت ذكر الوجه مقالًا، وتردّد ابن المنذر في صحّته، وقال البيهقيّ: ذكر الوجه غريبٌ، وهو وَهَمٌ من بعض رواته.
وفي كلّ ذلك نظر، فإن الحديث ظاهره الصحّة، ولفظه عند مسلم من طريق إسرائيل، عن منصور، وأبي الزبير، كلاهما عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاس، فذكر الحديث، قال منصور:"ولا تُغَطُّوا وَجْهَهُ". وقال أبو الزبير: