يمنعك يا عمّتاه من الحجّ"؛ فدلّ على أنه بنى على أنها بنت عبد المطلب حقيقة حتى تكون عمته - صلى الله عليه وسلم -، وهو وَهَمٌ.
ووقع في كلام إمام الحرمين، والغزاليّ أنها ضباعة الأسلمية، وهو غلط فاحش، كما قال النوويّ، وغيره، والصواب الهاشمية، وليس في الصحابة أخرى يقال لها: ضباعة الأسلميّة، ولكنهما وَهِما في نسبتها، نعم في الصحابة أخرى تسمى ضباعة بنت الحارث أنصارية، وهي أخت أم عطية. انتهى كلام وليّ الدين رحمه الله (١).
(فَقَالَ لَهَا: "أَرَدْتِ الْحَجَّ؟ ") هو بتقدير همزة الاستفهام، وفي الرواية التالية: "فقالت: يا رسول الله إني أريد الحجّ، وأنا شاكيةٌ"، وفي حديث ابن عبّاس - رضي الله عنهما -: "أن ضباعة بنت عمّ المطّلب - رضي الله عنهما - أتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: إني امرأة ثقيلة، وإني أريد الحج، فما تأمرني؟ .. ".
قال الحافظ وليّ الدين رحمه الله: قولها: "وإني أريد الحجّ" قد يقتضي ظاهره أنها قالت له ذلك ابتداء، وفي "صحيح البخاريّ": "لعلك أردت الحجّ"، وفي "صحيح مسلم" من ذلك الوجه: "أردت الحجّ".
ولا منافاة، فقد تكون إنما قالت: إني أريد الحجّ في جواب استفهامه لها، وليس اللفظ صريحًا في أنها قالت ذلك ابتداء، وكذا قوله في رواية ابن ماجه من حديث ضباعة أنه - صلى الله عليه وسلم - قال لها: "أما تريدين الحجّ العام؟ "، ومن رواية أسماء، أو سعدى: "ما يمنعك من الحجّ؟ "، كلّ ذلك يقتضي أن كلامها كان جوابًا لسؤاله.
لكن في حديث ابن عباس عند مسلم، وأصحاب السنن الأربعة: "أن ضباعة أتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالت … "، وهذا قد ينافي قوله في حديث عائشة: "دخل على ضباعة … ". وقد يُجمع بينهما بأنها أتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولم يكن إذ ذاك في منزله، ثم جاء، فدخل عليها، وهي في منزله.
وفي حديث ابن عباس عند أبي داود، والترمذيّ: أنها قالت له: إني أربد الحجَّ، فاشترط؟ فقال لها: "نعم"، وهذا يقتضي أن أمره بالاشتراط ما