حرج عليّ، وبقول شُريح: اللَّهم قد عرفتَ نيتي، وما أريد، فإن كان أمرًا تتمه، فهو أحبّ إليّ، والا فلا حرج عليّ، ونحوه عن الأسود، وقالت عائشة لعروة: قل: اللَّهم إني أريد الحج، وإياه نويت، فإن تيسر، وإلا فعمرة، ونحوه عن عميرة بن زياد، والله تعالى أعلم.
١٧ - (ومنها): أن قوله: "محلّي حيث حبستني" يدلّ على أن المحصر يحلّ حيث يُحْبَس، وهناك يَنْحَر هديه، ولو كان في الحلّ، وبه قال الشافعيّ، وأحمد، وقال أبو حنيفة: لا ينحر هديه إلا في الحرم، والأول أصحّ، والله تعالى أعلم.
١٨ - (ومنها): أنه خرج بقوله: "حيث حبستني" ما إذا شَرَط التحلّل بلا عذر، بأن قال في إحرامه: متى شئت، أو كَسِلت خرجت، فإن هذا لا يعتبر اتفاقًا، قاله وليّ الدين رحمه الله (١).
قال الجامع عفا الله عنه: هذا الذي قاله من أن الاشتراط لا بدّ أن يكون بعذر هو الذي يدلّ عليه ظاهر حديث الباب، فما يفعله بعض الناس من أنه يشترط، ثم يتحلّل بلا عذر، وإنما لمجرد كسل، وعدم نشاط، فمخالف لما يقتضيه النصّ، فليُتنبّه لذلك، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الخامسة): في اختلاف أهل العلم في حكم الاشتراط في الإحرام:
اختلفوا في ذلك على مذاهب:
(المذهب الأول): جوازه، وهو مذهب جمهور أهل العلم من الصحابة، والتابعين، ومن بعدهم. وهو المشهور من مذهب الشافعيّ، فإنه نصّ عليه في القديم، وعلّق القول به في الجديد على صحة الحديث، وقد صحّ، كما تقدم، وقد روى ابن أبي شيبة فعله عن عليّ، وعلقمة، والأسود، وشُريح، وأبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث، والأمر به عن عائشة، وعبد الله بن مسعود، وعن عثمان أنه رأى رجلًا واقفًا بعرفة، فقال له: أشارطت؟ فقال: نعم، وعن