للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

في حقّه، وبالمتأكّد في حقّه، فمن كان متأهّلًا للجهاد، وراغبًا فيه كان الجهادُ في حقّه أفضل من الصلاة وغيرها، وقد يكون هذا الصالح للجهاد له أبوان يحتاجان إلى قيامه عليهما، ولو تركهما لضاعا، فيكون برّ الوالدين في حقّه أفضل من الجهاد، كما قد استأذن رجل النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في الجهاد، فقال: "أحيٌّ والداك؟ " قال: نعم، فقال: "ففيهما فجاهد"، متّفقٌ عليه، وهكذا سائر الأعمال، وقد يكون الجهاد في بعض الأوقات أفضل من سائر الأعمال، وذلك في وقت استيلاء العدوّ وغلبته على المسلمين، كحال هذا الزمان، فلا يخفى على من له أدنى بصيرة أن الجهاد اليوم أوكد الواجبات، وأفضل الأعمال؛ لِمَا أصاب المسلمين من قهر الأعداء، وكثرة الاستيلاء شرقًا وغربًا - جبر الله صدعنا، وجدّد نصرنا -.

والحاصل من هذا البحث أن تلك الأفضليّة تختلف بحسب الأشخاص والأحوال، ولا بُعد في ذلك، فأما تفصيل هذه القواعد من حيث هي، فعلى ما تقدّم من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - الذي قال فيه: "بني الإسلام على خمس … " الحديث، متّفق عليه، والله تعالى أعلم. انتهى كلام القرطبى رحمه الله تعالى (١)، وهو تحقيقٌ نفيسٌ، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج رحمه الله تعالى المذكور أولَ الكتاب قال:

[٢٥٦] ( … ) - (وَحَدَّثَنِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَن الزُّهْرِيّ، بِهَذَا الإِسْنَادِ مثلَهُ).

رجال هذا الإسناد: خمسة:

١ - (مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ) الْقُشيريّ النيسابوريّ، ثقةٌ عابدٌ [١١] (ت ٢٤٥) (خ م دت س) تقدم في "المقدمة" ٤/ ١٨.

٢ - (عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ) بن نصر الْكِسّي، أبو محمد، قيل: اسمه عبد الحميد، وعبد لقبه، ثقة حافظٌ [١١] (ت ٢٤٩) (خت م ت) تقدم في "الإيمان" ٧/ ١٣١.


(١) "المفهم" ١/ ٢٧٥ - ١٧٦.