وقال العلامة ابن القيّم رحمه الله: أما قوله: "وانقضي رأسك، وامتشطي" فهذا مما أعضل على الناس، ولهم فيها أربعة مسالك:
[أحدها]: أنه دليل على رفض العمرة، كما قالت الحنفية.
[المسلك الثاني]: أنه دليل على أنه يجوز للمحرم أن يمشط رأسه، ولا دليل من كتاب، ولا سنة، ولا إجماع على منعه من ذلك، ولا تحريمه، وهذا قول ابن حزم وغيره.
[المسلك الثالث]: تعليل هذه اللفظة، وردّها بأن عروة انفرد بها، وخالف بها سائر الرواة، وقد روى حديثها طاوس، والقاسم، والأسود، وغيرهم، فلم يذكر أحد منهم هذه اللفظة.
[المسلك الرابع]: أن قوله: "دعي العمرة" أي: دعيها بحالها، لا تخرجي منها، وليس المراد تركها، قالوا: وبدلّ عليه وجهان: أحدهما: قوله: "يسعك طوافك لحجك، وعمرتك". الثاني: قوله: "كوني في عمرتك"، قالوا: وهذا أولى من حمله على رفضها لسلامته من التناقض. انتهى.
قال الجامع عفا الله عنه: لا يخفى أن المسلك الرابع هو الأرجح، فتأمله بالإنصاف، والله تعالى أعلم.
(قَالَتْ) عائشة - رضي الله عنها - (فَفَعَلْتُ) أي: ما أمرها النبيّ - صلى الله عليه وسلم - من ترك أفعال العمرة، والامتشاط، والإهلال بالحجّ (فَلَمَّا قَضَيْنَا الْحَجَّ) أي: أديناه بإتمام أعماله (أَرْسَلَني رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ) تقدمت ترجمته في "الطهارة" ٩/ ٥٧٢.
(إِلَى التَّنْعِيمِ) تفعيل بفتح التاء المثناة، وسكون النون، وكسر العين المهملة: موضع على ثلاثة أميال، أو أربعة من مكة، أقرب أطراف الحلّ إلى