للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(السادس): أن التمتّع والقران سواء، وهما أفضل من الإفراد، حكي عن أبي يوسف، ثم ذكر وليّ الدين أدلة ترجيح الشافعي الإفراد على غيره، وطوّل في ذلك.

وقال الحافظ - بعد أن ذكر أدلّة كونه - صلى الله عليه وسلم - قارنًا -: ومقتضى ذلك أن يكون القران أفضل من الإفراد والتمتّع، وهو قول جماعة من الصحابة، والتابعين، وبه قال الثوريّ، وأبو حنيفة، وإسحاق بن راهويه، واختاره من الشافعية: المزنيّ، وابن المنذر، وأبو إسحاق المروزيّ، ومن المتأخّرين: تقيّ الدين السبكيّ، وبحث مع النوويّ في اختياره أنه - صلى الله عليه وسلم - كان قارنًا، وأن الإفراد مع ذلك أفضل، مستندًا إلى أنه - صلى الله عليه وسلم - اختار الإفراد أوّلًا، ثم أدخل عليه العمرة؛ لبيان جواز الاعتمار في أشهر الحجّ؛ لكونهم كانوا يعتقدونه من أفجر الفجور، وملخّص ما يُتعقّب به كلامه أن البيان قد سبق منه - صلى الله عليه وسلم - في عُمَره الثلاث، فانه أحرم بكل منها في ذي القعدة: عمرة الحديبية التي صُدّ عن البيت فيها، وعمرة القضيّة التي بعدها، وعمرة الجعرانة، ولو كان أراد باعتماره عمرة حجته بيان الجواز فقط، مع أن الأفضل خلافه لاكتفَى في ذلك بأمره أصحابه أن يفسخوا حجهم إلى العمرة.

وذهب جماعة من الصحابة، والتابعين، ومن بعدهم إلى أن التمتع أفضل؛ لكونه - صلى الله عليه وسلم - تمنّاه، فقال: "لولا أني سُقت الهدي لأحللت"، ولا يتمنّى إلا الأفضل، وهو قول أحمد بن حنبل في المشهور عنه.

وأجيب بأنه إنما تمنّاه تطييبًا لقلوب أصحابه؛ لحزنهم على فوات موافقته، وإلا فالأفضل ما اختاره الله له، واستمرّ عليه.

وقال ابن قدامة: يترجّح التمتع بأن الذي يُفرِد إن اعتمر بعدها، فهي مختلف في إجزائها عن عمرة الإسلام، بخلاف عمرة التمتّع فهي مجزئة بلا خلاف، فيترجّح التمتّع على الإفراد، ويليه القران.

وقال من رجّح القران: هو أشقّ من التمتع، وعمرته مجزئة بلا خلاف،