للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فيكون أفضل منهما، وحكى عياض عن بعض العلماء أن الصور الثلاث في الفضل سواء، وهو مقتضى تصرّف ابن خزيمة في "صحيحه".

وعن أبي يوسف: القران، والتمتع في الفضل سواء، وهما أفضل من الإفراد.

وعن أحمد: من ساق الهدي فالقران أفضل له؛ ليوافق فعل النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ومن لم يسق الهدي فالتمتّع أفضل له؛ ليوافق ما تمناه، وأمر به أصحابه.

زاد بعض أتباعه: ومن أراد أن ينشئ لعمرته من بلده سفرًا فالإفراد أفضل له.

قال: وهذا أعدل المذاهب، وأشبهها بموافقة الأحاديث الصحيحة، فمن قال: الإفراد أفضل فعلى هذا؛ لأن أعمال سَفَرَيْن للنسكين أكثر مشقّة، فيكون أعظم أجرًا، ولتُجزئ عنه عمرته من غير نقص، ولا اختلاف. انتهى كلام الحافظ رحمه الله (١).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: الذي يترجّح عنديّ بعد النظر في هذه الأقوال، وأدلتها أن القران أفضل لمن ساق الهدي موافقة لفعل النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، والتمتع أفضل لمن لم يسق الهدي عملًا بأمر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أصحابه الكرام - رضي الله عنه -.

وهذا هو الذي اختاره شيخ الإسلام ابن تيميّة رحمه الله، فإنه قال: وأما إذا أراد أن يجمع بين النسكين بسفرة واحدة، ويسوق الهدي، فالقران أفضل، اقتداء برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، حيث قرن، وساق الهدي.

وقال في تفضيل التمتع لمن لم يسق الهدي: فإن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذين حجوا معه، ولم يسوقوا الهدي أمرهم جميعهم أن يحجوا هكذا، أمرهم إذا طافوا بالبيت، وبين الصفا والمروة أن يحقوا من إحرامهم، ويجعلوها متعة، قال: ومعلوم أنهم أفضل الأمة بعده، ولا حجة تكون أفضل من حجة أفضل


(١) "الفتح" ٤/ ٢١٧ - ٢١٨.