للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الحجّ جائز على أحد القولين عندنا، وعلى الأصحّ لا يجوز لنا، وجاز للنبيّ - صلى الله عليه وسلم - تلك السنة للحاجة. انتهى.

واختاره القاضي عياض، إذ قال: أما إحرامه - صلى الله عليه وسلم - بنفسه، فأخذ بالأفضل، فأحرم مفردًا للحجّ، تضافرت به الروايات الصحيحة، وأما رواية من روى أنه كان متمتّعًا، فمعناه أمر به، وأما رواية من روى القران، فهو إخبار عن آخر أحواله، لا عن ابتداء إحرامه (١)؛ لأنه أدخل العمرة على الحجّ لَمّا جاء إلى الوادي، وقيل له: "قل: عمرة في حجة". انتهى.

قال الحافظ: وهذا الجمع هو المعتمد، وقد سبق إليه قديمًا ابن المنذر، ومهّده المحبّ الطبريّ تمهيدًا بالغًا، يطول ذكره، ومحصّله: أن كلّ من روى عنه الإفراد حمل على ما أهلّ به في أول الحال، وكل من روى عنه التمتّع أراد ما أمر به أصحابه، وكلّ من روى عنه القران أراد ما استقرّ عليه أمره.

(القول السادس): أنه لبّى بالعمرة وحدها، ثم لم يتحلّل منها إلى أن أدخل عليها الحجّ يوم التروية (٢)، فصار قارنًا، حكاه الحافظ عن الطحاويّ، وابن حبان.

(القول السابع): أنه أحرم إحرامًا مطلقًا لم يُعيّن فيه نسكًا (٣)، ثم عيّنه بعدُ، رجحه الشافعيّ في "اختلاف الحديث"، كما قال الحافظ في "الفتح".

وقال وليّ الدين العراقئ: قال القاضي: وقال بعض علمائنا: إنه أحرم إحرامًا مطلقًا منتظرًا ما يؤمر به، من إفراد، أو تمتع، أو قران، ثم أمر بالحجّ، ثم أمر بالعمرة في وادي العقيق بقوله: "صلّ في هذا الوادي، وقل: عمرة في حجة"، ثم قال القاضي في موضع آخر بعد ذلك: لا يصحّ قول من قال: أحرم النبيّ - صلى الله عليه وسلم - مطلقًا مبهمًا؛ لأن رواية جابر وغيره من الصحابة في الأحاديث الصحيحة تردّه، وهي مصرّحة بخلافه. انتهى.


(١) بل الصواب أنه من أول الأمر قارن، كما سيأتي تحقيقه، فتنبه.
(٢) لا يخفى كون هذا القول غير صحيح، فتنبه.
(٣) لا يخفى كون هذا القول بعيدًا عن الصواب؛ لمصادمته الأحاديث الصحيحة المصرّحة بأنه - صلى الله عليه وسلم - أهلّ بالحج والعمرة، فتنبّه.