رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقول حفصة - رضي الله عنه -: ما شأن الناس حلُّوا، ولم تحل من عمرتك؟ وقول سعد في المتعة: قد صنعها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وصنعناها معه، وقول ابن عمر لمن سأله عن متعة الحج: هي حلال، فقال له السائل: إن أباك قد نهى عنها، فقال: أرأيت إن كان أبي نهى عنها، وصنعها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمْر أبي تتبع، أم أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال الرجل: بل أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: لقد صنعها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
قال هؤلاء: ولولا الهدي لحلّ كما يحل المتمتع الذي لا هدي معه، ولهذا قال:"لولا أن معي الهدي لأحللت"، فأخبر أن المانع له من الحلّ سوق الهدي، والقارن إنما يمنعه من الحل القران، لا الهدي، وأرباب هذا القول قد يُسَمُّون هذا المتمتع قارنًا؛ لكونه أحرم بالحج قبل التحلل من العمرة، ولكن القران المعروف أن يحرم بهما جميعًا، أو يحرم بالعمرة، ثم يدخل عليها الحج قبل الطواف.
والفرق بين القارن والمتمتع السائق من وجهين:
أحدهما: من الإحرام، فإن القارن هو الذي يُحرم بالحج قبل الطواف، إما في ابتداء الإحرام، أو في أثنائه.
والثاني: أن القارن ليس عليه إلا سعي واحدٌ، فإن أتى به أوّلًا، وإلا سعى عقيب طواف الإفاضة، والمتمتع عليه سعي ثانٍ عند الجمهور، وعن أحمد رواية أخرى أنه يكفيه سعي واحد كالقارن، والنبيّ - صلى الله عليه وسلم - لم يسع سعيًا ثانيًا عقيب طواف الإفاضة، فكيف يكون متمتعًا على هذا القول؟
[فإن قيل]: فعلى الرواية الأخرى يكون متمتعًا، ولا يتوجه الإلزام، ولها وجه قويّ من الحديث الصحيح، وهو ما رواه مسلم في "صحيحه" عن جابر - رضي الله عنه - قال: لم يطف النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ولا أصحابه بين الصفا والمروة إلا طوافًا واحدًا، طوافه الأول، هذا مع أن أكثرهم كانوا متمتعين.
وقد روى سفيان الثوريّ، عن سلمة بن كُهيل، قال: حلف طاووس: ما طاف أحد من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحجه وعمرته إلا طوافًا واحدًا.
[قيل]: الذين نظروا أنه كان متمتعًا تمتعًا خاصًّا لا يقولون بهذا القول، بل يوجبون عليه سعيين، والمعلوم من سنته - صلى الله عليه وسلم - أنه لم يسع إلا سعيًا واحدًا،