للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وفي رواية الإسماعيليّ: "أرأيتَ إن لم أفعل"، أي إن لم أقدر على ذلك، فأطلق الفعل، وأراد القدرة، ولأبي عوانة في "مسنده": "أفرأيت إن لم أجد"، ولأبي نعيم في "المستخرج": "أرأيت إن ضعفت"، وللدارقطنيّ في "الغرائب" بلفظ "فإن لم أستطع" (قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("تُعِينُ) بضمّ أوله، من الإعانة رباعيًّا (صَانِعًا) قال القرطبيّ رحمه الله تعالى: الرواية المشهورة بالضاد المعجمة وبالياء من تحتها، ورواه عبد الغافر الفارسيّ "صانعًا" بالصاد المهملة، والنون، وهو أحسن؛ لمقابلته لأخرق، وهو الذي لا يُحسن العمل. انتهى (١).

وقال النوويّ رحمه الله تعالى: وأما قوله: "صانعًا وفي الرواية الأخرى: "الصانع"، فرُوِيَ بالصاد المهملة فيهما وبالنون من الصَّنْعَة، ورُوي بالضاد المعجمة، وبهمزة بدل النون، تُكتَب ياءً من الضَّيَاع، والصحيح عند العلماء رواية الصاد المهملة، والأكثر في الرواية بالمعجمة: "فَتُعِين ضَائِعًا" (٢).

وقال القاضي عياض رحمه الله تعالى: روايتنا في هذا الحديث من طريق هشام أوّلًا "ضائعًا" بالمعجمة، وبياء بعد الألف، وكذلك في الرواية الأخرى "فتعين الضائع" من جميع طُرُقنا عن مسلم، في حديث هشام والزهريّ، إلا من رواية أبي الفتح الشاسيّ، عن عبد الغافر الفارسي، فإن شيخنا أبا بَحْر حَدَّثَنَا عنه فيهما بالصاد المهملة، كما تقدّم، وهو صوابُ الكلام؛ لمقابلته بالأخرق، وإن كان المعنى من جهة معونة الضائع أيضًا صحيحًا، لكن صحت الرواية هنا عن هشام بالصاد المهملة، وكذلك رويناه في "صحيح البخاريّ".

قال ابن المدينيّ: الزهريّ يقول: "الصانع" بالصاد المهملة، وَيرَون أنّ هشامًا صَحَّفَ في قوله: "ضائعًا" بالمعجمة.

وقال الدارقطنيّ عن معمر: كان الزهريّ يقول: صَحَّفَ هشام، قال الدارقطنيّ: وكذلك رواه أصحاب هشام عنه بالضاد المعجمة، وهو تصحيف، والصواب ما قاله الزهريّ، وفي "الموطّا" من رواية التِّنِّيسيّ، وابن وهب، وغيرهما عن الزهريّ: "أن تصنع لضائع" بالمعجمة، وقد يُصحّح هذه الرواية


(١) "المفهم" ١/ ٢٧٧.
(٢) "شرح مسلم" ٢/ ٧٥.