للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وإيضاحه فيما سبق، فتبصّر بالإنصاف، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة السادسة): في اختلاف أهل العلم في طواف القارن، وسعيه: ذهب الجمهور، ومنهم: مالك، والشافعيّ، وأحمد، وإسحاق إلى أن القارن يقتصر على طواف واحد، وسعي واحد، وهو محكيّ عن ابن عمر، وابن عبّاس - رضي الله عنهما -، وجابر، وعائشة، وعطاء، وطاوس، والحسن، والزهريّ، ومجاهد.

وذهب أبو حنيفة، وأصحابه إلى أنه يجب عليه طوافان، وسعيان، وهو رواية عن أحمد، وبه قال سفيان الثوريّ، وحكي عن أبي بكر، وعمر، وعليّ، وابن مسعود، والحسن بن عليّ. قال الحافظ وليّ الدين: ولم يصحّ عنهم.

وبه قال إبراهيم النخعيّ، والأسود بن يزيد، وأبو جعفر الباقر، والشعبيّ، والحكم، وحماد بن أبي سليمان، والأوزاعيّ، وابن أبي ليلى، والحسن بن صالح بن حيّ.

واحتجّ هؤلاء بما رواه الدارقطنيّ، والبيهقيّ، من طريق الحسن بن عُمارة، عن الحكم، عن مجاهد، قال: "خرج ابن عمر، يُهلّ بعمرة، وهو يتخوّف أيام نَجْدة أن يُحبس عن البيت، فلما سار أيامًا، قال: ما الحصر في العمرة، والحصر في الحجّ إلا واحد، فضمّ إليها حجة، فلما قدم طاف طوافين، طوافًا لعمرته، وطوافًا لحجته، ثم قال: هكذا رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعل".

لكن هذه رواية ضعيفة جدًّا، ومع ذلك فهي شاذّة، قال الدارقطنيّ: لم يروه عن الحكم غير الحسن بن عُمارة، وهو متروك، وقال البيهقيّ: الحسن بن عمارة أجمع أهل النقل على ترك حديثه؛ لكثرة المناكير في رواياته، وكيف يصحّ هذا عن ابن عمر، وقد ثبت أنه طاف لهما طوافًا واحدًا في هذه السنة، كما سبق، قاله الحافظ وليّ الدين - رَحِمَهُ اللهُ -.

وقال في "الفتح" في شرح حديث عائشة - رضي الله عنها - في حجة الوداع، وفيه: "وأما الذين جمعوا بين الحج والعمرة، فإنما طافوا طوافًا واحدًا"، وحديثِ ابن عمر - رضي الله عنهما - في حجه عام نزل الحجاج بابن الزبير، أورده البخاريّ من وجهين في