كلّ منهما أنه جمع بين الحج والعمرة، أهلّ بالعمرة أولًا، ثم أدخل عليها الحجّ، وطاف لهما طوافًا واحدًا، كما في الطريقة الأولى، وفي الطريقة الثانية:"ورأى أن قد قضى طواف الحج والعمرة بطوافه الأول".
ما نصّه: وفي هذه الرواية رفع احتمالٍ قد يؤخذ من الرواية الأولى أن المراد بقوله: "طوافًا واحدًا" أي: طاف لكلّ منهما طوافًا يشبه الطواف الذي للآخر، والحديثان ظاهران في أن القارن لا يجب عليه إلا طواف واحد كالمفرد، وقد رواه سعيد بن منصور من وجه آخر عن نافع، عن ابن عمر أصرح من سياق حديثي الباب في الرفع، ولفظه: عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال:"من جمع بين الحج والعمرة كفاه لهما طواف واحد، وسعيٌ واحد"، وأعلّه الطحاويّ بأن الدراورديّ أخطأ فيه، وأن الصواب أنه موقوف، وتمسّك في تخطئته بما رواه أيوب، والليث، وموسى بن عقبة، وغير واحد، عن نافع نحو سياق ما في الباب، من أن ذلك وقع لابن عمر، وأنه قال:"إن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - فعل ذلك"، لا أنه روى هذا اللفظ عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -. انتهى.
قال الحافظ: وهو تعليلٌ مردود، فالدراورديّ صدوق، وليس ما رواه مخالفًا لما رواه غيره، فلا مانع من أن يكون الحديث عند نافع على الوجهين.
واحتجّ الحنفيّة بما روي عن عليّ - رضي الله عنه - أنه جمع بين الحج والعمرة، فطاف لهما طوافين، وسعى لهما سعيين، ثم قال: هكذا رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعل، وطرقه عن عليّ عند عبد الرزاق، والدارقطنيّ، وغيرهما ضعيفة، وكذا أخرج من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - بإسناد ضعيف نحوه.
وأخرج من حديث ابن عمر بنحو ذلك، وفيه الحسن بن عُمارة، وهو متروك، والمخرّج في "الصحيحين"، وفي "السنن" عنه من طرق كثيرة الاكتفاء بطواف واحد.
وقال البيهقيّ: إن ثبتت الرواية أنه طاف طوافين، فيُحْمَل على طواف القدوم، وطواف الإفاضة، وأما السعي مرتين فلم يثبت.
وقال ابن حزم: لا يصحّ عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ولا عن أحد من أصحابه في ذلك شيء أصلًا.
قال الحافظ: لكن روى الطحاويّ، وغيره موقوفًا عن عليّ، وابن مسعود