للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والباقون ذُكروا قبله.

وقولها: (وَلَمْ أَكُنْ سُقْتُ الْهَدْيَ) هذا ذكرته توطئةً لما تريد الإخبار به من استمرارها على تمحيض العمرة، وأنها لم تُدخل عليها الحجّ؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - إنما أمر بضمّ الحجّ إلى العمرة من كان معه هدي.

والْهَديُ بإسكان الدال، وتخفيف الياء، وبكسر الدال، وتشديد الياء لغتان مشهورتان، الأولى أفصح، وأشهر، وهو اسم لما يُهْدَى إلى الحرم من الأنعام، وسوق الهدي سنّة من أراد الإحرام بحجّ، أو عمرة، قاله وفي الدين - رَحِمَهُ اللهُ - (١).

وقوله: (مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيُهْلِلْ بِالْحَجِّ مَعَ عُمْرَتِهِ) قال القرطبي - رَحِمَهُ اللهُ -: ظاهره أنه أمرهم بالقران، فيكون قاله لهم عند إحرامهم، ويَحْتَمِل أن يكون قال ذلك من قد كان أحرم بالعمرة، فيكون ذلك أمرًا بالإرداف. انتهى.

وقوله: (ثُمَّ لَا يَحِلَّ حَتَّى يَحِلَّ مِنْهُمَا جَمِيعًا) قال القرطبي - رَحِمَهُ اللهُ -: هذا بيان حكم القارن، فإنه لا يحلّ إلا بفراغه من طواف الإفاضة، ويجزئه لهما عمل واحد عند الجمهور خلافًا لأبي حنيفة؛ إذ يقول: يعمل لهما عملين، وسيأتي قوله - صلى الله عليه وسلم - لعائشة - رضي الله عنها -: "يسعك طوافك لحجك وعمرتك"، وهو نصٌّ في الردّ عليه، وكذلك قولها: "فأما الذين كانوا جمعوا الحج والعمرة؛ فإنما طافوا طوافًا واحدًا". انتهى (٢).

وقوله: (فَحِضْتُ) بكسر الحاء، يقال: حاضت المرأة تحيض حيضًا، من باب باع يبيع بيعًا.

وقولها: (أَمَرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ، فَأَرْدَفَنِي) وفي رواية البخاريّ: "أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أمره أن يُردف عائشة، ويعمرها من التنعيم"، قال في "الفتح": وهذا يدل على أن إعمارها من التنعيم كان بأمر النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وأصرح منه ما أخرجه أبو داود، من طريق حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر، عن أبيها: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "يا عبد الرحمن أردف أختك عائشة، فأعمرها من التنعيم … " الحديث، ونحوه رواية مالك السابقة في الحديث السابق، عن ابن


(١) "طرح التثريب" ٥/ ٣١.
(٢) "المفهم" ٣/ ٢٩٩ - ٣٠٠.