الدم، وكذلك المتمتع، ويمكن أن يُتأوَّل هذا على أن المراد لم يجب عليّ دم ارتكاب شيء من محظورات الإحرام، كالطيب، وستر الوجه، وقتل الصيد، وإزالة شعر وظفر، وغير ذلك؛ أي: لم أرتكب محظورًا، فيجب بسببه هديٌ، أو صدقةٌ، أو صوم، هذا هو المختار في تأويله.
قال الجامع عفا الله عنه: لا يخفى أن التأويل الذي ذكره النوويّ فيه تكلّف ظاهر.
وقال في "الفتح": وأما قوله في هذا الحديث: "فقضى الله حجها وعمرتها، ولم يكن في شيء من ذلك هديٌ، ولا صدقة، ولا صومٌ" فظاهره أن ذلك من قول عائشة - رضي الله عنها -، وكذا أخرجه مسلم، وابن ماجه، من رواية عبدة بن سليمان، ومسلم من طريق ابن نُمَير، والإسماعيليّ من طريق عليّ بن مسهر وغيره، لكن قد تقدم الحديث عند البخاريّ في "كتاب الحيض" من طريق أبي أسامة، عن هشام بن عروة إلخ، فقال في آخره: قال هشام: "ولم يكن في شيء من ذلك إلخ"، فتبيّن أنه في رواية يحيى القطان ومن وافقه مُدْرَج، وكذا أخرجه أبو داود، من طريق وُهيب، والحمادين، عن هشام، ووقع في الحديث موضعٌ آخر مُدْرَجٌ، وهو قوله قبل ذلك:"فقضى الله حجها وعمرتها"، فقد بَيَّن أحمد في روايته عن وكيع، عن هشام، أنه من قول عروة، وبَيَّنه مسلم، عن أبي كريب، عن وكيع بيانًا شافيًا، فإنه أخرجه عقب رواية عبدة، عن هشام: وقال فيه: فساق الحديث بنحوه، وقال في آخره: قال عروة: "فقضى الله حجها وعمرتها"، قال هشام:"ولم يكن في ذلك هديٌ، ولا صيامٌ ولا صدقةٌ"، وساقه الْجَوْزقيّ من طريق مسلم بهذا الإسناد بتمامه، بغير حوالة.
ورواه ابن جريج، عن هشام، فلم يذكر الزيادة، أخرجه أبو عوانة، وكذا أخرجه الشيخان من طريق الزهريّ، وأبي الأسود، عن عروة، بدون الزيادة.
قال ابن بطال: قوله: "فقضى الله حجها وعمرتها … " إلى آخر الحديث، ليس من قول عائشة - رضي الله عنها -، وإنما هو من كلام هشام بن عروة، حدّث به هكذا في العراق، فوهم فيه، فظهر بذلك أن لا دليل فيه من قال إن عائشة لم تكن قارنةً، حيث قال: لو كانت قارنة لوجب عليها الهدي للقران، وحمل قوله لها:"ارْفُضي عمرتك" على ظاهره.