غيرها من الصحابة، وعلى هذا ينزّل حديث الأسود، ومن تبعه:"ثمّ أمر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أصحابه أن يفسخوا الحجّ إلى العمرة، ففعلت عائشة ما صنعوا، فصارت متمتّعة"، وعلى هذا يتنزّل حديث عروة:"ثم لما دخلت مكّة، وهي حائض، فلم تقدر على الطواف لأجل الحيض، أمرها أن تُحرم بالحجّ"، على ما سيأتي من الاختلاف في ذلك. انتهى كلام الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ - بتصرّف.
قال الجامع عفا الله عنه: هذا الجمع الذي ذكره الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ - جمع حسنٌ جدًّا؛ إذ به تجتمع الروايات في الباب دون تغليط بعض الرواة.
وحاصله أن عائشة - رضي الله عنها - كانت أولًا أحرمت بالحجّ مفردًا، كما فعل غيرها من الصحابة - رضي الله عنهم -، ثم لما أمر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بفسخ الحج إلى العمرة، فسخت مثلهم، فصارت متمتّعةً، ثم لما دخلت مكة، وهي حائض، فلم تقدر على الطواف بالبيت أمرها - صلى الله عليه وسلم - أن تُحرم بالحجّ، فصارت قارنة، وهذا جمع لا غبار عليه، وبه تجتمع الروايات المختلفة في هذا الباب دون تغليط بعض الرواة، ولا سيّما عروة، فتأمله.
وأما ما أطال به ابن القيّم - رَحِمَهُ اللهُ - في الردّ على من قال ذلك، وبالغ فيه، ففيه نظر لا يخفى، فتأمله بالإنصاف، والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.
وقوله:(وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِمِثْلِ حَدِيثِ عَبْدَةَ) فاعل "ساق" ضمير عبد الله بن نمير.
[تنبيه]: رواية عبد الله بن نمير، عن هشام بن عروة هذه ساقها ابن حبّان - رَحِمَهُ اللهُ - في "صحيحه"(٩/ ٢٤٩) فقال:
(٣٩٤٢) - أخبرنا الحسن بن سفيان، قال: حدّثنا محمد بن عبد الله بن نمير، قال: حدّثنا أبي، قال: حدّثنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: خرجنا موافين لهلال ذي الحجة مع رسول الله - رَحِمَهُ اللهُ -، فقال النبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: "من أحب منكم أن يُهِلّ بعمرة فليهلّ، فإني لولا أني أهديت، لأهللت بعمرة"، فأهلّ به بعض أصحابه بحجة، وبعضهم بعمرة، قالت: وكنت فيمن أهلّ بعمرة، فأدركني يوم عرفة، وأنا حائض، لم أحلّ من عمرتي، فشكوت ذلك إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "دعي عمرتك، وانقضي رأسك، وامتشطي، وأهلي بالحج"، قالت: ففعلت حتى إذا كانت ليلة الحصبة، أرسل