للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

نظنّ امتناع العمرة في أشهر الحجّ، قاله النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ - (١).

وقال القرطبي - رَحِمَهُ اللهُ -: يمكن أن يقال: كان ذلك منها ومنهم قبل أن يُخبرهم النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في أنواع الإحرام، ويُبيّنها لهم. انتهى (٢).

وقولها أيضًا: (لَا نُرَى) بضم النون؛ أي: لا نظنّ، وقال ابن التين: ضبطه بعضهم بفتح النون، وبعضهم بضمّها (إِلَّا الْحَجَّ) وفي رواية عنها: "لا نَنْوِي إلا الحج"، وفي أخرى: "لا نذكر إلا الحجّ"، وفي أخرى: "مهلّين بالحجّ" وفي أخرى: "لبّينا بالحجّ".

وظاهر هذه الروايات أن عائشة مع غيرها من الصحابة - رضي الله عنهم -، كانوا أوّلًا محرمين بالحجّ، لكن هذا يُستشكل مع قولها: "فمنّا من أهلّ بالحجّ، ومنّا من أهلّ بعمرة"، وفي رواية: "فمنا من أهلّ بعمرة، ومنا من أهلّ بحج وعمرة، ومنّا من أهلّ بالحجّ".

وقد ذكر الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ - الجمع بأن الأول يُحمل على أنها ذكرت ما كانوا يَعهدونه من ترك الاعتمار في أشهر الحجّ، فخرجوا، لا يعرفون إلا الحجّ، ثمّ بيّن لهم النبيّ - صلى الله عليه وسلم - وجوه الإحرام، وجوّز لهم الاعتمار في أشهر الحجّ، وقال لهم: "من شاء أن يُهلّ بحجّ فليُهلّ، ومن شاء أن يُهلّ بعمرة فليهلّ بعمرة".

قال: وأما عائشة نفسها، فقد جاء عنها، أنها قالت: "وكنت ممن أهلّ بعمرة"، زاد أحمد: "ولم أسق هديًا". فادعى إسماعيل القاضي وغيره أن هذا غلط من عروة، والصواب رواية الأسود، والقاسم، وعروة عنها أنها أهلّت بالحجّ مفردًا.

وتُعُقّب بأن قول عروة عنها إنها أهلّت بعمرة صريحٌ، وأما قول الأسود وغيره عنها: "لا نرى إلا الحجّ"، فليس صريحًا في إهلالها بحجّ مفرد، فالجمع بينهما ما تقدّم، من غير تغليط عروة، وهو أعلم الناس بحديثها، وقد وافقه جابر بن عبد الله الصحابيّ، كما أخرجه مسلم عنه. وكذا طاوس، ومجاهد، عن عائشة.

ويَحْتَمِل في الجمع أيضًا أن يقال: أهلّت عائشة بالحجّ مفردًا، كما فعل


(١) "شرح النوويّ" ٨/ ١٤٥.
(٢) "المفهم" ٣/ ٢٩٩.