للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فعل على ما رواه جابر وغيره. انتهى كلام القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ - (١)، وهو بحث نفيسٌ.

وقال ابن خزيمة: معنى قوله: "لم يكن في شيء من ذلك هديٌ" أي: في تركها لعمل العمرة الأولى، وإدراجها لها في الحجّ، ولا في عمرتها التي اعتمرتها من التنعيم أيضًا، وهذا تأويل حسنٌ، والله أعلم. انتهى (٢).

قال الجامع عفا الله عنه: أحسن الأجوبة أنه إن كان هذا الكلام - أعني: "ولو يكن في شيء من ذلك هديٌ … إلخ" - من قول عائشة - رضي الله عنها - ما قاله ابن خزيمة - رَحِمَهُ اللهُ -: إن المراد أنه لم يلزمها شيء في تركها لعمل العمرة الأولى، وإدراجها لها في الحجّ، ولا في عمرتها التي اعتمرتها من التنعيم أيضًا، وهذا لا ينافي هدي القران، وهو قد ذُكر في قول جابر - رضي الله عنه -: "إن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أهدى عن نسائه بالبقر"، ومنهنّ عائشة - رضي الله عنها -، فزال الإشكال، وعلى هذا أيضًا يؤوّل إن كان من كلام هشام - رَحِمَهُ اللهُ -، فتأمله بالإنصاف.

والحديث متّفقٌ عليه، دون الكلام الأخير، فتنبّه، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج - رَحِمَهُ اللهُ - المذكور أولَ الكتاب قال:

[٢٩١٥] ( … ) - (وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيه، عَنْ عَائِشَة - رضي الله عنها - قَالَتْ: خَرَجْنَا مُوَافِينَ مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لِهِلَالِ ذِي الْحِجَّة، لَا نَرَى إِلا الْحَجَّ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: (مَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يُهِل بِعُمْرَ، فَلْيُهِلَّ بِعُمْرَةٍ، وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِمِثْلِ حَدِيثِ عَبْدَةَ).

رجال هذا الإسناد: خمسة:

١ - (أبُو كُرَيْبٍ) محمد بن العلاء، تقدّم قبل باب.

٢ - (ابْنُ نُمَيْرٍ) هو: عبد الله بن نُمير الهمدانيّ، تقدّم قريبًا.

والباقون ذُكروا قبله.

وقولها: (لَا نَرَى إِلَّا الْحَجَّ) أي: لا نعتقد أنا نُحرم إلا بالحجّ؛ لأنا كنّا


(١) "المفهم" ٣/ ٣٠٣ - ٣٠٤.
(٢) "الفتح" ٥/ ٢٥ - ٢٦.