وتُعُقِّب بأن إخراجها عن وقتها مُحَرَّم، ولفظ "أحب" يقتضي المشاركة في الاستحباب، فيكون المراد الاحتراز عن إيقاعها آخر الوقت.
وأجيب بأن المشاركة إنما هي بالنسبة إلى الصلاة وغيرها من الأعمال، فإن وقعت الصلاة في وقتها كانت أحب إلى الله تعالى من غيرها من الأعمال، فوقع الاحتراز عما إذا وقعت خارج وقتها من معذور، كالنائم، والناسي، فإن إخراجهما لها عن وقتها لا يوصف بالتحريم، ولا يوصف بكونه أفضل الأعمال، مع كونه محبوبًا، لكن إيقاعها في الوقت أحب.
[تنبيه]: اتفق أصحاب شعبة على اللفظ المذكور في الباب، وهو قوله:"على وقتها"، وخالفهم عليّ بن حفص، وهو شيخ صدوق، من رجال مسلم، فقال:"الصلاة في أول وقتها"، أخرجه الحاكم، والدارقطنيّ، والبيهقيّ من طريقه. قال الدارقطنيّ: ما أحسبه حفظه؛ لأنه كَبِر وتغير حفظه.
قال الحافظ: ورواه الحسن بن عليّ المعمريّ في "اليوم والليلة" عن أبي موسى، محمد بن المثنى، عن غندر، عن شعبة كذلك، قال الدارقطنيّ: تفرد به المعمريّ، فقد رواه أصحاب أبي موسى عنه، بلفظ:"على وقتها"، ثم أخرجه الدارقطنيّ عن المحامليّ، عن أبي موسى، كرواية الجماعة، وهكذا رواه أصحاب غندر عنه، والظاهر أن المعمريّ وَهِمَ فيه؛ لأنه كان يُحَدِّث من حفظه.
وقد أطلق النووي في "شرح المهذّب" أن رواية: "في أول وقتها" ضعيفة انتهى.
لكن لها طريق أخرى، أخرجها ابن خزيمة في "صحيحه"، والحاكم وغيرهما، من طريق عثمان بن عُمر، عن مالك بن مِغْوَل، عن الوليد، وتفرد عثمان بذلك، والمعروف عن مالك بن مِغْول كرواية الجماعة، كذا أخرجه البخاريّ وغيره، وكأنّ مَن رواها كذلك ظَنَّ أن المعنى واحد.
ويمكن أن يكون أخذه من لفظة "على"؛ لأنها تقتضي الاستعلاء على جميع الوقت، فيتعين أوله. انتهى (١).