للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - (الصَّلَاةُ) مبتدأ حُذف خبره؛ لدلالة السؤال عليه، كما قال في "الخلاصة":

وَحَذْفُ مَا يُعْلَمُ جَائِزٌ كَمَا … تَقُولُ "زَيْدٌ" بَعْدَ "مَنْ عِنْدَكُمَا؟ "

أي أفضل العمل إلى الله تعالى الصلاة لوقتها.

وقوله: (لِوَقْتِهَا") قال القرطبيّ: هذه اللام للتأقيت، كما قال تعالى: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [الإسراء: ٧٨]، {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} [طه: ١٤]، أي عند ذلك، كما قال في الرواية الآتية: "الصلاة على مواقيتها". انتهى (١).

وقال الطيبيّ: اللام فيه مثلها في قوله تعالى: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: ١]، أي مستقبلات لعدّتهنّ، وقولك: لقيته لثلاث بقين من الشهر، تريد مستقبل الثلاث، وليست كما في قوله تعالى: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [الإسراء: ٧٨]، و {قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي} [الفجر: ٢٤] بمعنى الوقت؛ لئلا يتكرّر الوقت. انتهى (٢).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: أراد الطيبيّ بكلامه هذا الردّ على قول القرطبيّ السابق من أن اللام للتوقيت، وأجاد في ذلك، ولكنه حملها على معنى فاسد؛ لأنه يؤدّي إلى أن يكون المراد إيقاع الصلاة قبل الوقت؛ لأن هذا هو معنى الآية التي مثّل بها؛ فإن تطليق المرأة لا يكون إلا قبل وقت العدّة، وهذا في الصلاة معنى فاسد، فالأولى أن تكون اللام بمعنى "في"، أي في وقتها، أو بمعنى "على"، كما هو الرواية الآتية، وهو راجع إلى معنى "في"، فتأمّله بإنصاف، والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.

وقال ابن بطال رحمه الله تعالى: فيه أن البِدَار إلى الصلاة في أول أوقاتها أفضل من التراخي فيها؛ لأنه إنما شُرِط فيها أن تكون أحب الأعمال إذا أقيمت لوقتها المستحب.

قال الحافظ: وفي أخذ ذلك من اللفظ المذكور نظر، قال ابن دقيق العيد رحمه الله تعالى: ليس في هذا اللفظ ما يقتضي أوّلًا ولا آخرًا، وكأن المقصود به الاحتراز عما إذا وقعت قضاءً.


(١) "المفهم" ١/ ٢٧٨ - ٢٧٩.
(٢) "الكاشف" ٣/ ٨٦٦ - ٨٦٧.