للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأشار إلى لزوم إضافتها بقوله:

وَلَا تضِفْ لِمُفْرَدٍ مُعَرَّفِ … "أَيًّا" وَإِنْ كَرَّرْتَهَا فَأَضِفِ

أَوْ تَنْوِ الاجْزَا وَاخْصُصنْ بِالْمَعْرِفَهْ … مَوْصُولَةً "أَيًّا" وَبِالْعَكْسِ الصِّفَهْ

وَإِنْ تَكُنْ شَرْطًا أَوِ اسْتِفْهَامَا … فَمُطْلَقًا كَمِّلْ بِهَا الْكَلَامَا

(قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("بِرُّ الْوَالِدَيْنِ") إعرابه كسابقه، وفي رواية عند البخاريّ: "ثم برّ الوالدين" بزيادة "ثُمّ"، و"البِرِّ" بكسر الباء: الإحسان، قال أهل اللغة: يقال: بَرِرْتُ والدي بكسر الراء، أَبَرُّه بضمها، مع فتح الباء بِرًّا، وأنا بَرٌّ به، بفتح الباء، وبارّ، وجمع البَرّ الأَبْرَار، وجمع البارّ الْبَرَرَة.

فمعنى بِرّ الوالدين: الإحسان إليهما، وفِعْلُ الجميل معهما، وفِعْلُ ما يَسُرُّهما، ويَدْخُل فيه الإحسان إلى صديقهما، كما جاء في "الصحيح": "إنّ من أَبَرِّ الْبِرّ أن يَصِلَ الرجلُ أهلَ وُدّ أبيه"، وضد الْبِرّ العقوق، وسيأتي إن شاء الله تعالى قريبًا تفسيره، قاله النوويّ (١).

وقال القرطبيّ: معنى برّ الوالدين: هو القيام بحقوقهما، والتزام طاعتهما، والرفق بهما، والتذلّل لهما، ومراعاة الأدب معهما في حياتهما، والترحّم عليهما، والاستغفار لهما بعد موتهما، وإيصال ما أمكنه من الخير والأجر لهما. انتهى (٢).

وقال في "الفتح": قال بعضهم: هذا الحديث موافق لقوله تعالى: {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ} [لقمان: ١٤]، وكأنه أخذه من تفسير ابن عيينة حيث قال: مَن صلَّى الصلوات الخمس، فقد شكر لله، ومن دعا لوالديه عقبها، فقد شكر لهما. انتهى (٣).

(قَالَ) ابن مسعود - رضي الله عنه - (قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ") أي محاربة الكفّار؛ لإعلاء كلمة الله - عَزَّ وَجَلَّ -، وإظهار شعائر الإسلام بالنفس والمال.

قال ابن مسعود - رضي الله عنه - (فَمَا تَرَكْتُ أَسْتَزِيدُهُ) قال النوويّ رحمه الله تعالى:


(١) "شرح مسلم" ٢/ ٧٦.
(٢) "المفهم" ١/ ٢٧٩.
(٣) "الفتح" ٢/ ١٤.