للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كذا هو في الأصول: "تركتُ أستزيده" من غير لفظ "أَنْ" بينهما، وهو صحيح، وهي مرادة. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: حذف "أن" ورفع الفعل واقع في فصيح الكلام، كما هو مذهب الأخفش من النحاة، وهو ظاهر مذهب ابن مالك في "شرح التسهيل" (٢)، وليس شاذًّا، كما ادّعاه بعض النحاة، ومن ذلك قوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ} [الروم: ٢٤] الآية؛ إذ تقديره: "أن يريكم … إلخ"، وقوله تعالى: {أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ} [الزمر: ٦٤] الآية، أي أن أعبد، وقولهم: "تسمع بالمعيديّ خير من أن تراه"، أي أن تسمع، وإلى هذا أشار ابن مالك رحمه الله تعالى في "الخلاصة" بقوله:

وَشَذَّ حَذْفُ "أَنْ" وَنَصْبٌ فِي سِوَى … مَا مَرَّ فَاقْبَلْ مِنْهُ مَا عَدْلٌ رَوَى

فقوله: "وشذّ … إلخ " إشارة أنه إنما يكون شاذًّا إذا نُصب الفعل بعد حذفها، وأما إذا رُفع كهذه الأمثلة فلا شذوذ، وهذا هو الأصحّ، فقول بعض النحاة: إنه شاذّ مع الرفع مردود بالآيتين السابقتين، وحديث الباب، ونحو ذلك من الأمثلة، فتفطّن، فإنه مهمّ جدًّا، والله تعالى أعلم.

(إِلَّا إِرْعَاءً عَلَيْهِ) بكسر الهمزة، إسكان الراء، وبالعين المهملة، والمدّ في آخره: أي إلَّا إبقاءً عليه، ورفقًا به؛ كي لا أُكثر عليه، فأُحرجه، وأنتقص من حُرمته، قال صاحب "الأفعال" (٣): الإرعاء: الإبقاء على الإنسان، ففيه من الفقه احترام العالم والفاضل، ورعاية الأدب معه، وإن وَثقَ بحلمه وصَفْحِه، قاله القرطبيّ (٤)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - هذا متّفقٌ عليه.


(١) "شرح مسلم" ٢/ ٧٦.
(٢) راجع: "حاشية الخضري على شرح ابن عقيل على الخلاصة" ٢/ ١٨٣.
(٣) هو: علي بن جعفر المعروف بابن القطّاع، عالم بالأدب واللغة، تُوفّي سنة (٥١٥ هـ).
(٤) "المفهم" ٢/ ٢٧٩.