للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الظهر والعصر، وروى الترمذيّ، وابن ماجة، عن أنس منه، والطبراني عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حج على رَحْلِ رَثٍّ، يساوي أربعة دراهم (١).

(حَتَّى أَتَيْنَا ذَا الْحُلَيْفَةِ) أي: المكان المعروف بهذا الاسم، وهو ماء من مياه بني جُشَم، وهو ميقات أهل المدينة، نحو مرحلة عنها، ويقال: ستة أميال (٢).

(فَوَلَدَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسِ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ) تقدّمت ترجمتهما قبل باب (فَأَرْسَلَتْ إِلَى رَسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) الظاهر أنَّها أرسلت زوجها أبا بكر الصدّيق - رضي الله عنه -، ويدلّ له ما رواه مالك في "الموطإ" عن عبد الرَّحمن بن القاسم، عن أبيه، عن أسماء بنت عُميس أنَّها ولدت محمد بن أبي بكر، فذَكَر ذلك أبو بكر لرسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ويدلّ عليه أيضًا ما رواه النسائيّ من حديث أبي بكر - رضي الله عنه -: فأتى أبو بكر النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فأخبره، فأمره أن يأمرها أن تغتسل، وقوله: (كَيْفَ أَصْنَعُ؟) مقول لقول محذوف حال من الفاعل؛ أي: أرسلت حال كونها قائلةً كيف أصنع؟ أي: في الإحرام بالحجّ.

وقال الباجيّ في "شرح الموطإ": يَحْتَمِل أن أبا بكر سأل أن النفاس الذي يمنع صحة الصلاة والصوم يمنع صحّة الحج؟ فبيّن - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه لا ينافي الحجّ، وَيحْتَمل أنه سأل عن اغتسالها للإحرام بعد أن عَلِمَ أن إحرامها بالحجِّ يصحّ، فخاف أن النفاس يمنع الاغتسال الذي يوجب حكم الطهر. انتهى.

(قَالَ) - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مجيبًا عن سؤالها، مبيّنًا كيفيّة ما تصنعه في حال الإحرام ("اغْتَسِلِي) فيه دلالة على أن اغتسال النفساء للإحرام سنة، وهو للنظافة لا للطهارة، ومثلها في ذلك الحائض، كما أمر النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عائشة - رضي الله عنها - بذلك حين حاضت بسرف، كما تقدّم بيانه.

وقال الخطّابيّ - رَحِمَهُ اللهُ - في "المعالم": في الحديث استحباب التشبّه من أهل التقصير بأهل الفضل والكمال، والاقتداء بأفعالهم طمعًا في إدراك مراتبهم، ورجاء مشاركتهم في نيل المثوبة، ومعلوم أن اغتسال الحائض والنفساء قبل


(١) صححه الشيخ الألبانيّ - رَحِمَهُ اللهُ -، لغيره، انظر: "صحيح ابن ماجة" ٢/ ٩٦٥.
(٢) "المصباح المنير" ١/ ١٤٦.