للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أوان الطهر لا يُطهّرهما، ولا يُخرجهما عن حكم الحدث، وإنما هو لفضيلة المكان والوقت.

قال وليّ الدين العراقيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: هذا يدلّ على أن العلّة عنده في اغتسالهما التشبّه بأهل الكمال، وهنّ الطاهرات، والظاهر أنه إنما هو لشمول المعنى الذي شُرع الغسل لأجله، وهو التنظيف، وقطع الرائحة المكريهة؛ لدفع أذاها عن الناس عند اجتماعهم، وبذلك علّله الرافعيّ، ولا يَرِد عليه التيمّم عند العجز؛ لأن التنظيف هو أصل مشروعيّته للإحرام، فلا ينافيه قيام التراب مقامه؛ لأنه يقوم مقام الغسل الواجب، فأولى المسنون، وبعد استمرار الحكم قد لا توجد علته في بعض المحالّ. انتهى.

قال الخطّابيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: وفي أمره - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - "الحائض والنفساء بالاغتسال دليل على أن الطاهر أولى بذلك. انتهى (١).

(وَاسْتَثْفِرِي بِثَوْبٍ) بالثاء المثلّثة، بعد الفوقيّة: أمر من الاستثفار، يقال: استثفرت الحائض: إذا شدّت على فرجها خرقةً، وعلقت طرفيها إلى شيء مشدود في وسطها من مُقَدَّمها ومؤخرها، مأخوذ من ثَفَر الدابة، وهو ما يكون تحت ذنبها.

وقال في "المرعاة": الاستثفار هو أن تحتشي المرأة قطنًا، وتشُدّ في وسطها شيئًا، وتأخذ خرقةً عريضةً تجعلها على محلّ الدم، وتشدّ طرفيها من قُدّامها ومن ورائها في ذلك المشدود في وسطها، والمقصود أن تجعل هناك ما يمنع من سيلان الدم تنزهًا أن تظهر النجاسة عليها؛ إذ لا تقدر على أكثر من ذلك.

قال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: فيه استحباب غسل الإحرام للنفساء، وقد سبق بيانه في باب مستقلّ فيه أمر الحائض والنفساء، والمستحاضة بالاستثفار، وهو أن تَشُدّ في وسطها شيئًا، وتأخذ خرقة عريضة تجعلها على محل الدم، وتشُدّ طرفيها من قُدّامها ومن ورائها في ذلك المشدود في وسطها، وهو شبيه بثَفَر الدابة - بفتح الفاء - وفيه صحة إحرام النفساء، وهو مجمع عليه. انتهى (٢).


(١) راجع: "المرعاة" ٩/ ٤.
(٢) "شرح النوويّ" ٨/ ١٧٢.