للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ابن القيّم، فذكره من رواية الطبرانيّ مرفوعًا، وإنما رواه موقوفًا كالبيهقيّ، كما ذكره الحافظ في "التلخيص". انتهى (١).

(فَرَمَلَ ثَلَاثًا، وَمَشَى أَرْبَعًا) وفي رواية النسائيّ والترمذيّ: "فطاف سبعًا، فرمل ثلاثًا، ومشى أربعًا"، فقوله: "فرَمَل" أي: مشى بسرعة، مع تقارب الْخُطى، وهزّ الكتفين، وفي الرواية الآتية عند مسلم: "لَمّا قَدِم مكة أتى الحجر، فاستلمه، ثم مشى على يمينه، فرمل ثلاثًا، ومشى أربعًا".

وقوله: (ثَلَاثًا) أي: ثلاث مرّات، وهي الأشواط الأوَل من السبعة، زاد في رواية لأحمد: "حتى عاد إليه".

وقوله: (وَمَشَى أَرْبَعًا) أي: على السكون والهيئة في الأربعة الأشواط الباقية.

وقال القرطبيّ رحمهُ اللهُ: وبفعله - صلى الله عليه وسلم - هذا تقرر أن الرَّمل في الثلاثة الأشواط سنَّة راتبة، وإن كان أصل مشروعيته في عمرة القضاء؛ لِيُرِيَ أهل مكة قوَّتهم، وتجلّدهم، كما في حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - على ما يأتي؛ لكن لما فعله في حجة الوداع مع زوال ذلك المعنى تحقق أنه تعبّد، وأنه سُنَّة.

وهذا الطواف المذكور هنا؛ هو المسمَّى بطواف القدوم وهو سنَّة مؤكدة يجب بتركه دم على غير المراهق، وهو قول أبي ثور، وأحد قولي مالك، وقيل: لا يجب بتركه دم، ويجزئ عنه طواف الإفاضة، وهو قول الشافعي، وأصحاب الرأي، ولا يخاطب بطواف القدوم مكيٌّ.

قال الجامع عفا الله عنه: عندي أن قول الشافعي ومن معه هو الأرجح في هذا؛ لأن إيجاب الدم يحتاج إلى دليل، فتبصّر، والله تعالى أعلم.

قال: والأطواف ثلاثة: هذا، وطواف الإفاضة، ويسمَّى: طواف الزيارة؛ لأن الطائف يزور البيت من مِنى، فيطوفه، وقد أجاز الحنفي وغيره هذه التسمية، وكره مالك أن يقال: طواف الزيارة، وطوافُ الوداع، وهو الذي يفعل عند الصَّدَر من مكة، ولا دم على تاركه. انتهى (٢).


(١) راجع: "المرعاة شرح المشكاة" ٩/ ٦ - ٧.
(٢) "المفهم" ٣/ ٣٢٤.