للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يُشرع شيء منها في الأركان الأخرى، إلا الركن اليمانيّ، فيسنّ استلامه بوضع اليد عليه فقط، دون تقبيله، فما يفعله كثير من الناس من تقبيلهم الركن اليماني فمن غلبة جهلهم بالسنة، فلا حول ولا قوّة إلا بالله.

وقال الزرقانيّ رحمهُ اللهُ في "شرح المواهب": واعلم أن للبيت أربعة أركان: الأول له فضيلتان، كون الحجر الأسود فيه، وكونه على قواعد إبراهيم؛ أي: أساس بناه، والثاني هو الركن اليماني له الفضيلة الثانية فقط، وليس للآخرين شيء منهما، فلذلك يقبّل الأول، كما في "الصحيحين" عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أنه - صلى الله عليه وسلم - قبّل الحجر الأسود، وفي "صحيح البخاريّ" عن ابن عمر - رضي الله عنهما -: "رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستلمه، ويقبّله"، ويُستلَم الثاني فقط؛ لما في "الصحيح" عن ابن عمر - رضي الله عنهما -: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان لا يستلم إلا الحجر والركن اليماني. ولا يُقبّل الآخران، ولا يُستلمان؛ اتّباعًا للفعل النبويّ؛ لأنهما ليسا على قواعد إبراهيم؛ هذا قول الجمهور، واستَحَبّ بعضهم تقبيل اليمانيين أيضًا، وهذا ضعيفٌ؛ لمخالفته السنّة.

وقد أجاب الشافعيّ رحمهُ اللهُ عن قول من قال كمعاوية - رضي الله عنه - وقد قبّل الأركان كلها: ليس شيء من البيت مهجورًا، فردّ عليه ابن عبّاس - رضي الله عنهما - فقال: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: ٢١]، فأجاب الشافعيّ رحمهُ اللهُ: بأنّا لم نَدَع استلامهما هَجْرًا للبيت، وكيف يهجره، وهو يطوف به؟ ولكنا نتّبع السنة فعلًا أو تركًا، ولو كان ترك استلامهما هَجْرًا له لكان ترك استلام ما بين الأركان هَجرًا له، ولا قائل به، ورُوي عن الشافعيّ، عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: استقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحجر الأسود، فاستلمه، ومسح يده عليه، ثم وضع شفتيه عليه طويلًا يقبّله. ويستفاد منه استحباب الجمع بينهما. انتهى.

ومما يُستحبّ عند استلام الركن الأسود التكبير في كلّ طوفة؛ لحديث ابن عبّاس - رضي الله عنهما - قال: طاف النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بالبيت على بعيره كلما أتى الركن أشار إليه بشيء كان عنده، وكبّر، رواه البخاريّ.

وأما التسمية فلا تثبت في حديث مرفوع كما نبّه عليه الشيخ الألبانيّ رحمهُ اللهُ، وإنما ثبتت عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أنه كان إذا استلم الحجر قال: بسم الله والله أكبر، أخرجه البيهقيّ وغيره بإسناد صحيح، كما قال النوويّ، والحافظ، ووهم