للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

من أهلّ بعمرة … إلخ" أن حديث جابر - رضي الله عنه - محمول على أول الأمر قبل أن يأمرهم النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بالعمرة، وحديث عائشة - رضي الله عنها - محمول على آخر الأمر بعد أن أمرهم النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بالعمرة، فلا اختلاف بين الأحاديث، ولله الحمد.

(حَتَّى إِذَا أَتَيْنَا الْبَيْتَ) أي: وصلنا إليه (مَعَهُ) - صلى الله عليه وسلم -، بعد أن نزل بذي طُوى، وبات بها، واغتسل فيها، ودخل مكة من الثنيّة العليا، صبيحة رابع ذي الحجة، وقصد المسجد من شقّ باب السلام، ثم بدأ بالطواف، ولم يبدأ بركعتي تحية المسجد؛ لأنهما يحصلان بعد الطواف، وإنما يؤمر بهما من يريد الجلوس، والطائف لا يجلس، فلم يشمله النهي الوارد في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يركع ركعتين وأما ما اشتهر عند كثير من الناس: إن تحية المسجد الحرام الطواف لا صلاة ركعتين، فمن كلام العوامّ الذين لا علم عندهم، ولا تفكير لهم في النصوص، والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.

وفي الحديث أن السنة لداخل مكة للنسك أن يبدأ بالبيت قبل غيره، إلا أن يكون مضطرًّا، كأن يخشى على رحله، فله الصبر عليه، والبداية به حتى لا يضيع، وكذلك من جاء متأخّرًا يوم عرفة، وخاف فوت الوقوف لو بدأ بالبيت، ونحو ذلك من كل من يضطرّ إلى أن يبدأ بغيره، فله ذلك، والله تعالى أعلم.

(اسْتَلَمَ الرُّكْنَ) أي: الركن الأسود؛ إذ ينصرف إليه الركن عند الإطلاق، وسُمّي ركنًا؛ لأنه في ركن البيت.

وفي رواية أحمد، وابن الجارود: "الحجر الأسود"، والاستلام: افتعال من السلام بمعنى التحيّة، وأهل اليمن يسمون الركن بالمحيّا؛ لأن الناس يُحيّونه بالسلام، وقيل: من السِّلام بكسر السين، وهي الحجارة، واحدتها سَلِمة بكسر اللام، ويقال: استلم الحجر: إذا لَثَمَه وتناوله، والمعنى: وضع يديه عليه وقبّله، واستلم النبيّ - صلى الله عليه وسلم - الركن اليماني أيضًا في هذا الطواف، كما في حديث ابن عمر - رضي الله عنهما -، ولكن لم يُقبّله، فلا يُسنّ تقبيله.

والحاصل أن السنّة تقبيل الحجر الأسود في كلّ طوفة، إن تيسّر ذلك، فإن شقّ التقبيل استلمه بيده، ثم قبّلها، وإلا استلمه بنحو عصا، وقبّلها، وإلا أشار إليه، ولا يقبّله ما أشار به إليه، وهذا الذي ذكرناه في الحجر الأسود، لا