للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

صلاة الظهر، إلا التي يوم عرفات، فإنها خطبتان، وقبل الصلاة، قال أصحابنا: ويُعَلّمهم في كل خطبة من هذه ما يحتاجون إليه إلى الخطبة الأخرى، والله أعلم. انتهى (١).

وقال القرطبيّ رحمهُ اللهُ: قوله: "فخطب الناس" دليل لمالك وجميع المدنيين والمغاربة؛ إذ قالوا: ليوم عرفة خطبة قبل الصلاة، يُذَكِّر الناس فيها، ويُعَلِّمُهم ما يستقبلون من الوقوف وغيره من المناسك، وهو أيضًا حجة على الشافعيّ، وأبي حنيفة؛ إذ قالا: ليست عرفة بموضع خطبة، وهو قول العراقيين من أصحابنا.

وخطب الحج عندنا ثلاثة:

يوم التروية بعد صلاة الظهر في المسجد الحرام، يذكّر الناس، ويحلّمهم أحكام إحرامهم، ويحضهم على الخروج إلى منى.

والثانية: بعرفة قبل الصلاة بإجماع من القائل بها، وأجمعوا: على أنه لو صلَّى ولم يخطب فصلاته جائزة.

والثالثة: بعد يوم النحر، يُعلِّمُهم فيها أحكام الرمي والتعجيل. انتهى (٢).

وقال الزرقانيّ رحمهُ اللهُ: في الحديث أنه يستحبّ للإمام أن يخطب يوم عرفة في هذا الموضع، وبه قال الجمهور، والمدنيون والمغاربة من المالكيّة، وهو المشهور، فقول النوويّ: خالف فيها المالكيّة، فيه نظرٌ إنما هو قول العراقيين منهم، والمشهور خلافه، واتّفق الشافعيّة أيضًا على استحبابها خلافًا لما تَوَهَّمه عياض والقرطبيّ. انتهى (٣).

(وَقَالَ) - صلى الله عليه وسلم - في خطبته تلك ("إِنَّ دِمَاءَكُمْ، وَأَمْوَالَكُمْ) زاد في حديث ابن عبّاس عند أحمد، والبخاريّ، والترمذيّ، والبيهقيّ، وفي حديث ابن عمر عند البخاريّ: "وأعراضكم"، والْعِرْضُ بكسر العين: موضع المدح والذمّ من الإنسان، سواء كان في نفسه، أو في سلفه، قال الحافظ: هذا الكلام على


(١) "شرح النوويّ" ٨/ ١٨٢.
(٢) "المفهم" ٣/ ٣٣٢ - ٣٣٣.
(٣) راجع: "المرعاة" ٩/ ٢٠.