للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

حذف مضاف: أي: سفك دمائكم، وأخذ أموالكم، وثَلْبُ أعراضكم. انتهى.

وقيل: المعنى: إن انتهاك دمائكم، وأموالكم، وأعراضكم، قيل: وهذا أولى مما ذكره الحافظ؛ لأن ذلك إنما يحرُم إذا كان بغير حقّ، فلا بُدّ من التصريح به، فلفظة "انتهاك" أولى؛ لأن موضوعها بتناول الشيء بغير حقّ.

(حَرَامٌ عَلَيْكُمْ) قال الزرقانيّ: معنى الحديث: إن دماء بعضكم على بعض حرام، وأموال بعضكم على بعض حرام، وإن كان ظاهر اللفظ أن دم كلّ واحد حرام عليه نفسِه، ومال كلّ واحد حرام عليه نفسه، فليس بمراد؛ لأن الخطاب للمجموع، والمعنى فيه مفهوم، ولا يبعد إرادة المعنى الثاني، أما الدم فواضح، وأما المال فمعنى تحريمه عليه: تحريم تصرّفه فيه على غير الوجه المأذون فيه شرعًا، قاله وليّ الدين العراقيّ (١).

(كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا) أي: متأكّدة التحريم شديدته كحرمة يومكم هذا، يعني يوم عرفة (فِي شَهْرِكُمْ هَذَا) يعني ذا الحجة (فِي بَلَدِكُمْ هَذَا) يعني مكة، وإنما شبّهها في الحرمة بهذه الأشياء؛ لأنهم كانوا لا يرون استباحتها، وانتهاك حرمتها بحال.

وقال النوويّ رحمهُ اللهُ: معناه: متأكّدة التحريم، شديدته، وفي هذا دليلٌ لضرب الأمثال، وإلحاق النظير بالنظير قياسًا. انتهى (٢).

وقال ابن المنيّر: قد استقرّ في القواعد أن الأحكام لا تتعلّق إلا بأفعال المكلّفين، فمعنى تحريم اليوم والبلد والشهر: تحريم أفعال الاعتداء فيها على النفس والمال والعرض، فيكون المعنى إذًا من تشبيه الشيء بنفسه.

وأجاب بأن المراد أن هذه الأفعال في غير هذا البلد، وهذا الشهر، وهذا اليوم مغلّظة الحرمة، عظيمةٌ عند الله، فلا يستسهل المعتدي كونه تعدى في غير البلد الحرام، والشهر الحرام، بل ينبغي له أن يخاف خوف من فعل ذلك في البلد الحرام، وإن كان فعل العدوان في البلد الحرام أغلظ، فلا ينفي كون ذلك في غيره غليظًا أيضًا، وتفاوت ما بينهما في الغلظ لا ينفع المعتدي في غير البلد الحرام، فإن فرضناه تعدّى في البلد الحرام فلا يستسهل حرمة


(١) راجع: "المرعاة" ٩/ ٢١.
(٢) "شرح النوويّ" ٨/ ١٨٢.