للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كان من ذلك. انتهى (١).

وقوله: (مَوْضُوعٌ) تقدّم آنفًا أن المراد بوضعه وضع الزائد منه، لا وضع رأس المال، فإنه مردود لصاحبه، كما قال تعالى: {وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ} الآية [البقرة: ٢٧٩].

(وَأَوَّلُ رِبًا أَضَعُ) أي: أبطله، وأتركه (رِبَانَا) أي: ربا أهل الإسلام، أو ربا أهل بيتنا، وهذا أوضح (رِبَا عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ) عم النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وهو بدل من "ربانا"، أو خبر لمحذوف؛ أي: هو ربا عباس - رضي الله عنه -، وقوله: (فَإِنَّهُ مَوْضُوعٌ كُلُّهُ) يَحْتَمل عود ضمير "إنه" لربا عبّاس تأكيدًا لوضعه، ويَحْتَمِل أَن يعود لجميع الربا؛ أي: ربا العبّاس موضوع؛ لأن الربا موضوع كلّه، قاله الوليّ العراقيّ.

وإنما ابتدأ في وضع دماء الجاهليّة، ورِباها من بين أهل الإسلام بأهل بيته؛ ليكون أمكن في قلوب السامعين، وأسدّ لأبواب الطمع في الترخيص.

(فَاتَّقُوا اللهَ فِي النِّسَاءِ) أي: في حقّهنّ، قال الطيبيّ رحمهُ اللهُ: عطف من المعنى على قوله: "إن دماءكم وأموالكم"، يعني فاتّقوا الله في استباحة الدماء، وفي نهب الأموال، وفي النساء، وهي من عطف الإنشائيّ على الإخباريّ بالتأويل، كما عُطف قوله تعالى: {وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ (٥٩)} [يس: ٥٩] على قوله: {إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ} الآية [يس: ٥٥]. انتهى (٢).

وقال الوليّ العراقيّ رحمهُ اللهُ: يَحْتَمِل أن الفاء زائدة؛ لأنه في رواية بدونها، وأنها للسببيّة؛ لأنه لَمّا قرّر إبطال أمر الجاهليّة، وكان من جملتها منع النساء من حقوقهنّ، وترك إنصافهنّ أمرهم بمتابعة الشرع في إنصافهنّ، فكأنه قيل: فبسبب إبطال أمر الجاهليّة اتقوا الله في النساء، وأنصفوهنّ، فإن تركه من أمر الجاهليّة، قال: و"في" تَحْتَمل السببيّة، نحو قوله تعالى: {فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ} الآية [يوسف: ٣٢]، والظرفيّةَ مجازًا، نحو قوله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} الآية [البقرة: ١٧٩]؛ أي: إن النساء ظرف للتقوى المأمور بها. انتهى.


(١) "المفهم" ٣/ ٣٣٣.
(٢) "الكاشف عن حقائق السنن" ٦/ ١٩٦٥.