عباس - رضي الله عنه - قال: حدّ عرفات من الجبل المشرف على بطن عُرنة إلى جبال عرفات، إلى وَصِيق - بفتح الواو، وكسر الصاد المهملة، وآخره قاف - إلى ملتقى وصيق، ووادي عرنة.
قال بعض أصحابنا: لعرفات أربعة حدود: أحدها: ينتهي إلى جادّة طريق المشرق، والثاني: إلى حافات الجبل الذي وراء أرض عرفات، والثالث: إلى البساتين التي تلي قرية عرفات، وهذه القرية على يسار مستقبل الكعبة إذا وقف بأرض عرفات، والرابع ينتهي إلى وادي عرنة.
قال إمام الحرمين: ويُطيف بمنعرجات عرفات جبال، وجوهها المقبلة من عرفات.
(واعلم): أنه ليس من عرفات وادي عرنة، ولا نَمِرة، ولا المسجد المسمى مسجد إبراهيم، ويقال له أيضًّا: مسجد عرنة، بل هذه المواضع خارجة عن عرفات، على طرفها الغربيّ، مما يلي مزدلفة، ومنى، ومكة، هذا الذي ذكرته من كون وادي عرنة ليس من عرفات لا خلاف فيه، نَصَّ عليه الشافعيّ، واتفق عليه الأصحاب.
وأما نمرة فليست أيضًا من عرفات، بل بقربها، هذا هو الصواب الذي نَصّ عليه الشافعيّ في "مختصر الحج الأوسط"، وفي غيره، وصَرَّح به أبو علي البندنيجيّ، والأصحاب، ونقله الرافعيّ عن الأكثرين، قال: وقال صاحب "الشامل"، وطائفة: هي من عرفات، وهذا الذي نقله غريبٌ ليس بمعروف، ولا هو في "الشامل"، ولا هو صحيح، بل إنكارٌ للحِسّ، ولما تطابقت عليه كتب العلماء.
وأما مسجد إبراهيم، فقد نَصّ الشافعيّ على أنه ليس من عرفات، وأن من وقف به لم يصحّ وقوفه، هذا نَصُّه، وبه قطع الماورديّ، والمتوليّ، وصاحب البيان، وجمهور العراقيين، وقال جماعة من الخراسانيين، منهم الشيخ أبو محمد الجوينيّ، والقاضي حسين، في "تعليقه"، وإمام الحرمين والرافعيّ: مُقَدَّم هذا المسجد من طرف وادي عرنة، لا في عرفات، وآخره في عرفات، قالوا: فمن وقف في مقدمه لم يصحّ وقوفه، ومن وقف في آخره صحّ وقوفه، قالوا: ويتميز ذلك بصخرات كبار فُرِشت هناك.
قال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح: وجه الجمع بين كلامهم ونَصّ الشافعيّ