للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أن يكون زيد في المسجد بعد الشافعيّ هذا القدر الذي ذكره، والله أعلم.

وقال الأزرقيّ في هذا المسجد: ذَرْعُ سعته من مقدمه إلى مؤخره مائة ذراع وثلاث وستون ذراعًا، قال: ومن جانبه الأيمن إلى جانبه الأيسر من عرفة والطريق مائتا ذراع وثلاث عشرة ذراعًا، قال: وله مائة شُرْفة وثلاث شُرُفات، وله عشرة أبواب، قال: ومن حدّ الحرم إلى مسجد عرنة ألف ذراع وستمائة وخمس أذرع، قال: ومن مسجد عرفات هذا إلى موقف النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ميلٌ، والله تعالى أعلم.

(واعلم): أن عرنة ونمرة بين عرفات والحرم، ليستا من واحد منهما، وأما جبل الرحمة ففي وسط عرفات، فإذا علمت عرفات بحدودها، فقال الماورديّ: قال الشافعيّ: حيث وقف الناس من عرفات في جوانبها، ونواحيها، وجبالها، وسهلها، وبطاحها، وأوديتها، وسوقها المعروفة بذي المجاز أجزأه، قال: فأما إن وقف بغير عرفات من ورائها، أو دونها، عامدًا أو ناسيًا أو جاهلًا بها فلا يجزئه، وقال مالك: يجزئه، وعليه دم، والله أعلم. انتهى كلام النوويّ - رحمه الله - في "المجموع" (١).

قال: وأما "المزدلفة" فبكسر اللام، قال الأزهريّ: سُمِّيت بذلك من التزلُّف، والازدلاف، وهو التقرب؛ لأن الحجاج إذا أفاضوا من عرفات ازدلفوا إليها؛ أي: مضوا إليها، وتقربوا منها، وقيل: سُمّيت بذلك؛ لمجيء الناس إليها في زُلَف من الليل؛ أي: ساعات، وسُمِّيت المزدلفة جَمْعًا - بفتح الجيم، وإسكان الميم - سُمِّيت بذلك؛ لاجتماع الناس بها.

[واعلم]: أن المزدلفة كلها من الحرم، قال الأزرقيّ في "تاريخ مكة"، والبندنيجيّ، والماورديّ صاحب "الحاوي" في كتابه "الأحكام السلطانية"، وغيرهما من أصحابنا، وغيرهم: حدُّ المزدلفة: ما بين وادي مُحَسِّرٍ ومَأُزِمي عرفة، وليس الحدّان منها، ويدخل في المزدلفة جميع تلك الشعاب القوابل، والظواهر، والجبال الداخلة في الحدّ المذكور.

وأما وادي مُحَسِّر: فبضم الميم، وفتح الحاء المهملة، وكسر السين المهملة المشدَّدة، وبالراء، سُمِّي بذلك؛ لأن فيل أصحاب الفيل حَسَرَ فيه؛


(١) "المجموع" ٨/ ١٠٥ - ١٠٦.