وأما المشعر الحرام: فبفتح الميم هذا هو الصحيح المشهور، وبه جاء القرآن، وهو المعروف في رواية الحديث، قال صاحب "المطالع": ويجوز كسر الميم، لكن لم يرد إلا بالفتح، وحَكَى الجوهريّ الكسر، ومعنى "الحرام": الْمُحَرَّم؛ أي: الذي يحرم فيه الصيد وغيره، فإنه من الحرم، ويجوز أن يكون معناه: ذا الحرمة.
واختَلَفَ العلماء في المشعر الحرام، هل هو المزدلفة كلها، أم بعضها؟ وهو قُزَحُ خاصَّة، وقد تقدّم بيان الخلاف في ذلك.
قال العلماء: سُمِّي مَشْعَرًا؛ لما فيه من الشعائر، وهي معالم الدين، وطاعة الله تعالى. انتهى كلام النوويّ - رحمه الله - في "المجموعِ"(١)، وهو بحث مفيدٌ جدًّا.
والحديث من أفراد المصنّف - رحمه الله -، وقد مضى تمام البحث فيه في شرح حديث أول الباب، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج - رحمه الله - المذكور أولَ الكتاب قال:
١ - (يَحْيَى بْنُ آدَمَ) بن سليمان الأمويّ مولاهم، أبو زكرياء الكوفيّ، ثقةٌ حافظٌ فاضلٌ، من كبار [٩](ت ٢٠٣)(ع) تقدم في "المقدمة" ٤/ ٢٤.
٢ - (سُفْيَانُ) بن سعيد الثوريّ، أبو عبد الله الكوفيّ الإمام الحجة الثبت الفقيه، من كبار [٧](ت ١٦١)(ع) تقدم في "المقدمة" ١/ ١.
والباقون ذُكروا في الباب، و"إسحاق بن إبراهيم" هو: ابن راهويه.
وقوله:(لَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ، أتى الْحَجَرَ، فَاسْتَلَمَهُ، ثُمَّ مَشَى عَلَى يَمِينِه، فَرَمَلَ ثَلَاثًا، وَمَشَى أَرْبَعًا) قال النوويّ - رحمه الله -: في هذا الحديث أن السنة للحاجّ أن يبدأ أول قدومه بطواف القدوم، ويُقَدِّمه على كل شيء، وأن يستلم الحجر الأسود