للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شرح الحديث:

(عَنْ مُطَرِّفٍ) -بصيغة اسم الفاعل المضعّف- ابن عبد الله، أنه (قَالَ: قَالَ لِي عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ) -رضي الله عنهما- (إِنِّي لَأُحَدِّثُكَ بالْحَدِيثِ الْيَوْمَ) "أل" للعهد الحضوريّ، كما في قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} (يَنْفَعُكَ اللهُ بِهِ بَعْدَ الْيَوْمِ) وفي رواية شعبة، عن قتادة، عن مطرِّف التالية: "بَعَثَ إليّ عمران بن حُصَين في مرضه الذي تُوُفّي فيه، فقال: إني كنت محدِّثك بأحاديث لعل الله أن ينفعك … " (وَاعْلَمْ أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَدْ أَعْمَرَ طَائِفَةً مِنْ أَهْلِهِ فِي الْعَشْرِ) قال القاضي عياض رحمه الله: معنى هذا مُبيَّنٌ في الرواية الأخرى: "أنه -صلى الله عليه وسلم- جمع بين حجة وعمرة، ثم لم يَنْهَ عنه"، وفي الرواية الأخرى: "تمتّعنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولم ينزل قرآن ينسخه"، فهو محتمِلٌ لإجازة العمرة في أشهر الحجّ، أو لإجازة القران، والقائل برأيه يعني عمر -رضي الله عنه- في نهيه عن ذلك، وأمره بالإفراد، وقوله: "جمع بين حجة وعمرة" يتأول إضافته إليه -صلى الله عليه وسلم- من حيث إنه أمر به؛ إذ لم يفعله -صلى الله عليه وسلم-، أو على ما تأولناه من إضافتها إلى الحجّ للقران. انتهى (١).

وقال القرطبيّ رحمه الله: معنى قوله: "أعمر طائفة من أهله": أي أباح لهم أن يُحرموا بالعمرة حين أحرموا من ذي الحليفة، فيعني بالعشر عشر ذي القعدة الأخيرة، فإنهم أحرموا لستّ بقين منه، ويَحْتَمِل أن يريد به عشر ذي الحجة؛ فإنهم حَلُّوا بفراغهم من عمل العمرة في الخامس منه، على ما تقدّم في حديث عائشة -رضي الله عنها-، والله تعالى أعلم. انتهى كلام القرطبيّ رحمه الله (٢).

وقال الأبيّ بعد ذكر كلام عياض والقرطبيّ: قلت: الأظهر أنه إنما يعني الفسخ؛ لأنه قاله في مقابلة نهي عمر، والذي اشتهر عن عمر إنما هو النهي عن الفسخ، وقد احتجّ على منعه بالآية، ويصدُقُ أنه جمع فيه بين حج وعمرة، ويصدُق أنهم تمتّعوا؛ لأن أمرهم فيه آل إلى المتعة.

وقال القاضي في مخالفة عثمان لعليّ -رضي الله عنهما-: نهي عثمان كنهي عمر، فإن كان في الفسخ، فهو نهي لزوم، وإن كان في التمتّع والقران فهو نهي ندب،


(١) "إكمال المعلم" ٤/ ٣٠٠، ٣٠١.

(٢) "المفهم" ٣/ ٣٥١.