للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

واستكوى: طلب الكيّ. انتهى باختصار (١).

وقوله: (فَتُرِكْتُ) بالبناء للمفعول؛ أي تركت الملائكة السلام عليّ؛ لكوني اكتَويتُ.

وقوله: (ثُمَّ تَرَكْتُ الْكَيَّ) ببناء الفعل للفاعل (فَعَادَ) أي رجع إلي تسليم الملائكة.

وقال في "شرحه" لهذا الكتاب: قوله: "يُسَلَّم عليّ" هو بفتح اللام المشدّدة، وقوله: "فتُرِكتُ" هو بضم التاء: أي انقطع السلام عليّ، ثم تَرَكْتُ بفتح التاء: أي تركت الكيّ، فعاد السلام عليّ.

ومعنى الحديث أن عمران بن الحصين -رضي الله عنهما- كانت به بواسير، فكان يصبر على المهمات، وكانت الملائكة تُسَلِّم عليه، فاكتَوَى فانقطع سلامهم عليه، ثم ترك الكيّ، فعاد سلامهم عليه. انتهى (٢).

وقال في "شرح المهذّب": معناه: أنه كان به مرضٌ، فاكتوى بسببه، وكانت الملائكة تُسَلم عليه قبل الكيّ؛ لفضله، وصلاحه، فلما اكتَوَى تركوا السلام عليه، فعَلِمَ ذلك، فترك الكيّ مرة أخرى، وكان محتاجًا إليه، فعادوا، وسَلَّمُوا عليه -رضي الله عنه-. انتهى.

[تنبيه]: قال النوويّ رحمه الله في "شرح المهذّب": الكيّ بالنار إن لم تدعُ إليه حاجة حرام؛ لدخوله في عموم تغيير خلق الله، وفي تعذيب الحيوان، وسواء كَوَى نفسه، أو غيره، من آدميّ، أو غيره، وإن دعت إليه حاجة، وقال أهل الْخِبْرة: إنه موضع حاجة، جاز في نفسه، وفي سائر الحيوان، وتركُهُ في نفسه للتوكل أفضل؛ لحديث ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "قيل: يدخل من أمتك الجنة سبعون ألفًا، لا حسابَ عليهم، ولا عذابَ، قال: وهم الذي لا يَرْقُون، ولا يسترقون، ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون"، مُتَّفقٌ عليه.

وعن عمران بن حصين -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفًا بغير حساب"، قالوا: ومن هم يا رسول الله؟ قال: "هم الذين


(١) "القاموس المحيط" ٤/ ٤٨٤.
(٢) "شرح النوويّ" ٨/ ٢٠٦.