الحجّ إلى يوم عرفة، فإن لم يجد هديًا، ولم يصم صام أيام منًى"، وعن عائشة -رضي الله عنها- مثله، والراجح أن مثل هذا له حكم الرفع، كما هو مقرّر في محله، والله تعالى أعلم.
وقال القرطبيّ: قوله: "فليصم ثلاثة أيام في الحجّ"؛ ذهب مالك، والشافعيّ إلى أن ذلك لا يكون إلا بعد الإحرام بالحجّ، وهو مقتضى الآية والحديث، وقال أبو حنيفة، والثوريّ: يصحّ صوم الثلاثة الأيام بعد الإحرام بالعمرة، وقبل الإحرام بالحجّ، ولا يصومها بعد أيام الحجّ، وهو مخالف لنصّ الكتاب والسنّة، والاختيار عندنا تقديم صومها في أول أيام الإحرام، وآخر وقتها آخر أيام التشريق عندنا، وعند الشافعيّ، فمن فاته صومها في هذه الأيام صامها عندنا بعدُ، وقال أبو حنيفة: آخر وقتها يوم عرفة، فمن لم يصمها إلى يوم عرفة، فلا صيام عليه، ووجب عليه الهدي، وقال مثله الثوريّ؛ إذا ترك صيامها أيام الحجّ، وللشافعيّ قولٌ كقول أبي حنيفة. انتهى كلام القرطبيّ رحمه الله (١).
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: ما ذهب إليه مالك، والشافعيّ رحمهما الله تعالى أرجح عندي لموافقته لظاهر النصّ الصريح. والله تعالى أعلم.
قال النوويّ رحمه الله: وفي المراد بالرجوع خلاف، والصحيح في مذهب الشافعيّ أنه إذا رجع إلى أهله، وهذا هو الصواب؛ لهذا الحديث الصحيح الصريح، والثاني: إذا فرغ من الحجّ، ورجع إلى مكة من منى، وهذان القولان للشافعيّ، ومالك، وبالثاني قال أبو حنيفة.
قال السنديّ رحمه الله:"إذا رجع إلى أهله" تفسير لقوله تعالى: {وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ}، وفيه أنه ليس المراد: إذا فرغتم من النسك، كما قاله علماؤنا، ولا يخفى أن هذا مرفوع، لا من قول ابن عمر -رضي الله عنهما-. انتهى.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا إنصاف من السنديّ رحمه الله، حيث ترك