للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ما عليه أهل مذهبه؛ لمخالفته النصّ الصريح، وجزاه الله تعالى عن السنة خيرًا، ويا ليت كل أهل مذهب كانوا مثله، فإن السنة هي القاضية على كل رأي، ومذهب، وليس لأحد من الناس أن يحكم عليها بما يراه هو، ولا غيره من ذي الرأي، قال تعالى: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا}، وقال: {وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}، جعلنا الله تعالى ممن ينصر السنة، ويذبّ عنها، بمنّه وكرمه، إنه أرحم الراحمين، وأكرم المسؤولين.

قال النوويّ رحمه الله: ولو لم يصم الثلاثة، ولا السبعة حتى عاد إلى وطنه لزمه صوم عشرة أيام، وفي اشتراط التفريق بين الثلاثة والسبعة؛ إذا أراد صومها خلاف، قيل: لا يجب، والصحيح أنه يجب التفريق الواقع في الأداء، وهو بأربعة أيام، ومسافة الطريق بين مكة ووطنه، والله أعلم. انتهى (١).

(وَطَافَ رَسُولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أي طواف القدوم (حِينَ قَدِمَ مَكَّةَ، فَاسْتَلَمَ الرُّكْنَ) أي ركن الحجر الأسود (أَوَّلَ شَيْءٍ) منصوب على الظرفية، متعلّق بما قبله؛ أي في ابتداء طوافه (ثُمَّ خَبَّ) أي أسرع، يقال: خبّ في الأمر خَبَبًا، من باب طلب: أسرع الأخذ فيه، ومنه الخببُ لضرب من الْعَدْو، وهو خطؤ فسيح، دون العَنَق (٢)، قاله الفيّوميّ: رحمه الله. (ثَلاثَةَ أَطْوَافٍ) أي ثلاثة أشواط (مِنَ السَّبْعِ، وَمَشَى) على هِيْنته بسكينة ووقار (أَرْبَعَةَ أَطْوَافٍ، ثُمَّ رَكَعَ حِينَ قَضَى طَوَافَهُ بِالْبَيْتِ) أي فرغ منه (فَصَلَّى عِنْدَ الْمَقَامِ) أي مقام إبراهيم عليه السلام، وهو حجر كان يقوم عليه إبراهيم عليه السلام وقت بناء الكعبة، ففي حديث ابن عبّاس -رضي الله عنهما- في قصّة إبراهيم وإسماعيل -عليهما الصلاة والسلام-: "قال -يعني إبراهيم-: يا إسماعيل، إن الله أمرني أن أبني هاهنا بيتًا، وأشار إلى أَكَمَة مرتفعة على ما حولها، فعند ذلك رفعا القواعد من البيت، فجعل إسماعيل يأتي بالحجارة، وإبراهيم يبني حتى إذا ارتفع البناء جاء بهذا الحجر، فوضعه له، فقام عليه، وهو يبني … " الحديث. أخرجه البخاريّ (٣).


(١) "شرح مسلم" ٨/ ٤٣٦.
(٢) العنق -بفتحتين-: ضرب من السير فسيح سريع. اهـ. المصباح.
(٣) انظر: "الفتح" في كتاب أحاديث الأنبياء ٦/ ٢٥٥.