للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وحاصل الخلاف في المسألة هو ما قاله النوويّ رحمه الله في "التقريب": إذا قال الراوي: حدّثنا الزهريّ أن ابن المسيِّب حدّثه بكذا، فقال أحمد بن حنبل وجماعة: لا تلتحق "أنّ" بـ "عَنْ" في الاتّصال، بل يكون منقطعًا حتى يتبيّن السماع في ذلك الخبر بعينه من جهة أخرى، وقال الجمهور: "أنّ " كـ "عَنْ"، ومطلقة محمول على السماع بشرط البراءة عن التدليس، وبشرط اللقاء والسماع عند من يشترطه. انتهى باختصار (١).

وإلى هذا أشار السيوطيّ رحمه الله في "ألفيّة الحديث" حيث قال:

وَمَنْ رَوَى بـ "عَنْ " وَ"أَنَّ" فَاحْكُمِ … بِوَصْلِهِ إِنِ اللِّقَاءُ يُعْلَمِ

وَلَمْ يَكُنْ مُدَلِّساً وَقِيلَ لَا … وَقِيلَ "أَنَّ" اقْطَعْ وَأَمَّا "عَنْ" صِلَا

(مَا شَأْنُ النَّاسِ حَلُّوا) زاد في رواية النسائيّ: "بعمرة"؛ أي بجعل نسكهم عمرة بأمره -صلى الله عليه وسلم- لهم بذلك، كما سبق بيانه.

وحكى الحافظ أبو عمر رحمه الله عن ابن وهب أنه رواه عن مالك بهذه الزيادة، وأنه رواه بدونها القعنبيّ، ويحيى بن بُكير، وأبو مصعب، وعبد الله ابن يوسف، ويحيى بن يحيى، وغيرهم.

قال: والمعنى واحد عند أهل العلم، قال: ولم يختلف الرواة عن مالك في قوله: "ولم تحلّ أنت من عمرتك"، قال: وزعم بعض الناس أنه لم يقل أحدٌ في هذا الحديث عن نافع: "ولم تحلّ أنت من عمرتك" إلا مالك وحده.

قال: وقد رواها غير مالك: عبيد الله بن عمر، وأيوب السختيانيّ، وهؤلاء هم حفّاظ أصحاب نافع، والحجة فيه على من خالفهم.

ورواه ابن جريج، عن نافع، فلم يقل: "من عمرتك"، وزيادة مالك مقبولة؛ لحفظه، وإتقانه، أَبُو انفرد بها، فكيف وقد تابعه من ذكرنا.

قال: وما أعلم أحدًا في قديم الدهر، ولا حديثه ردّ حديث حفصة هذا بأن مالكأ انفرد بقوله: "من عمرتك" إلا هذا الرجل. انتهى كلام ابن عبد البرّ بمعناه.

قال الحافظ وليّ الدين: وذكر بعضهم أن هذا الذي أشار إليه ابن عبد البرّ


(١) "تقريب النواوي مع شرحه تدريب الراوي" ١/ ٢١٧.