للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

هو الأصيليّ، ورواية عبيد الله بن عمر هذه رواها مسلم، وابن ماجه، وفيها: "من عمرتك"، ورواها البخاريّ بدون قولها: "من عمرتك"، ولفظ الشيخين فيها: "فلا أحلّ حتى أحلّ من الحجّ"، وفي لفظ لمسلم: "حتى أنحر"، كرواية مالك، وكذا في رواية ابن ماجه.

وروايةُ ابن جريج أخرجها مسلم، وأخرج البخاريّ مثلها من طريق موسى بن عقبة، عن نافع. وذكر البيهقيّ رواية موسى بن عقبة، ثم قال: وكذلك رواه شعيب بن أبي حمزة، عن نافع، لم يذكر فيه العمرة، والله أعلم.

وفيه إشارة إلى الاختلاف في ذكر هذه اللفظة، ففيه ميلٌ لما تقدّم عن الأصيليّ، وفي رواية مسلم عن يحيى بن يحيى، عن مالك، عن نافع، عن عبد الله بن عمر أن حفصة قالت … فجعله من مسند ابن عمر، وكذا في "صحيح مسلم" من طريق عبيد الله بن عمر، وفي حديث الباقين عن ابن عمر، عن حفصة، وفي رواية موسى بن عقبة، وابن جريج حدثتني حفصة. انتهى كلام وليّ الدين (١).

وقال في "الفتح": ولم يقع في رواية مسلم قوله: "بعمرة"، وذكر ابن عبد البرّ أن أصحاب مالك ذكرها بعضهم، وحذفها بعضهم.

واستُشكل كيف حلّوا بعمرة مع قولها: "ولم تحلّ من عمرتك"؟.

والجواب أن المراد بقولها: "بعمرة" أي إن إحرامهم بعمرة كان سببًا لسرعة حلّهم. انتهى (٢).

وقال وليّ الدين: [إن قلت]: ما معنى قوله: "بعمرة"، وكيف يلتئم هذا مع قوله بعده: "من عمرتك"، كيف يحلّ بعمرة، ويحلّ منها؟.

[قلت]: الصحابة -رضي الله عنهم- حلّوا بعمرة، فإنهم فسخوا الحجّ إليها، فأتوا بأعمالها، وتحلّلوا منها، ولولا ذلك لاستمرّوا على الإحرام، حتى يأتوا بأعمال الحجّ، فكان إحرامهم بعمرة سببأ لسرعة حلّهم، وأما هو -صلى الله عليه وسلم-، فإنه أدخل العمرة على الحجّ، فلم يُفده الإحرام بالعمرة سرعةَ الإحلال؛ لبقائه على الحجّ، فشارك الصحابة في الإحرام بالعمرة، وفارقهم ببقائه على الحجّ، وفسخهم له.


(١) "طرح التثريب" ٥/ ٣٦، ٣٧.
(٢) "الفتح" ٤/ ٢١٤.