للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وهذا الذي ذكرته من إدخاله العمرة على الحجّ هو المعتمد، وعكس الخطّابيّ ذلك، فقال في الكلام على هذا الحديث: هذا يُبيّن لك أنه كانت هناك عمرة، ولكنه أدخل عليها الحجّ، فصار قارنًا، ثم حكى الاتفاق على جواز إدخال الحجّ على العمرة قبل الطواف، والخلاف في إدخالها على الحجّ، منعه مالك، والشافعيّ، وأجازه أصحاب الرأي، هذا كلامه.

ومن يمنع إدخال العمرة على الحجّ يُجيب عن هذا الحديث على ما قرّرته أوّلًا بأن هذا من خصوصيّات هذه الحجّة، فقد وقعت فيها أمورٌ غريبة، والله أعلم. انتهى كلام وليّ الدين (١).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: منع إدخال العمرة على الحجّ بعد صحته منه -صلى الله عليه وسلم- لا وجه له، فتبصّر، ولا تكن أسير التقليد.

(وَلَمْ تَحْلِلْ أَنْتَ مِنْ عُمْرَتِكَ؟) هكذا هو عند البخاريّ أيضًا بفك إدغام اللام، ووقع عند النسائيّ بلفظ: "ولم تحلّ " بالإدغام، وهما لغتان، كما أشار إليهما ابن مالك رحمه الله في "خلاصته" بقوله:

وَفُكَّ حَيْثُ مُدْغَمٌ فِيهِ سَكَنْ … لِكَوْنِهِ بِمُضْمَرِ الرَّفْعِ اقْتَرَنْ

نَحْوُ "حَلَلْتُ مَا حَلَلْتَهُ "وَفِي … جَزْمٍ وَشِبْهِ الْجَزْمِ تَخْيِيرٌ قُفِي

والفكّ لغة أهل الحجاز، ومنه قوله تعالى: {وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي} [طه: ٨١] وقوله: {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ} الآية [المائدة: ٥٤]، والإدغام لغة تميم، وعليه قوله تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الحشر: ٤].

[تنبيه]: يجوز في قوله: "ولم تحلل"، وفي قوله الآتي: "فلا أحلّ" فتح أوّله، وضمّه، على أنه ثلاثيّ، ورباعيّ، وهما لغتان فيه، والفتح أوفق لقولها: "حَلُّوا"، قاله وليّ الدين (٢).

وفي "المصباح": وحلّ المحرمُ حِلًّا بالكسر: خرج من إحرامه، وأحلّ بالألف مثلُهُ، فهو مُحلّ، وحِلّ أيضًا تسميةً بالمصدر، وحلالٌ أيضًا. انتهى.

(قَالَ) -صلى الله عليه وسلم ("إِنّي لَبَّدْتُ رَأسِي) - بتشديد الباء الموحّدة، وبالدال المهملة- أي شعر رأسي، وتلبيد الشعر أن يُجعَل فيه شيء من صمغ، أو نحوه عند


(١) "طرح التثريب" ٥/ ٣٨.
(٢) "طرح التثريب" ٥/ ٣٩.