للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الإحرام لينضمّ الشعر، ويلتصق بعضه ببعض؛ احترازًا عن تعطّفه، وتقمّله، وإنما يَفعل ذلك من يطول مكثه في الإحرام.

وقال الفيّوميّ رحمه الله: "التلبيد": مصدر لبّد، يقال: لبّدَ الشيءَ تلبيدًا: ألزق بعضه ببعض، حتى صار كاللِّبْد (١)، ولبّد الحاجّ شعره بخطميّ، ونحوه كذلك حتى لا يتشعّث. انتهى.

وفي هذا الحديث استحباب التلبيد، والمعنى فيه الإبقاء على الشعر، وقد نصّ عليه الشافعيّ، وأصحابه (٢).

(وَقَلَّدْتُ هَدْيِي) بإسكان الدال، وتخفيف الياء، وبكسر الدال، وتشديد الياء لغتان. وتقليده أن يُعلّق عليه شيئًا يُعرف به كونه هديًا، فإن كان من الإبل والبقر استُحبّ تقليده بنعلين، من النعال التي تُلبس في الرجلين، في الإحرام، ويستحبّ التصدّق بهما عند ذبح الهدي، وإن كان من الغنم استُحبّ تقليده بخُرَب القِرَب -بضمّ الخاء المعجمة، وفتح الراء- وهي عُراها، واَذانها، وبالخيوط المفتولة، ونحوها.

وقد اتفق العلماء على استحباب سوق الهدي، وعلى استحباب تقليد الإبل، والبقر، واختلفوا في استحباب تقليد الغنم، فقال به الشافعيّ، والجمهور، وقال مالك، وأبو حنيفة: لا يستحبّ (٣)، وسيأتي تمام البحث فيه في موضعه -إن شاء الله تعالى-.

(فَلَا أُحِلُّ) تقدّم ضبطه بفتح أوله، وضمّه، من الحلّ، أو من الإحلال، ثلاثيًّا، ورباعيًّا (حَتَّى أَنْحَرَ") وفي رواية عبيد الله الآتية: "حَتَّى أُحِلَّ مِنَ الْحَجِّ": أي فلا أتحلل من الإحرام حتى أفرغ من عمل الحجّ بنحر الهدي يوم النحر، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.


(١) "اللبد" بكسر، فسكون، وزان حِمْل: ما تلبّد من شعر، أو صوف. اهـ. المصباح.
(٢) المصدر المذكور.
(٣) "طرح التثريب" ٥/ ٣٩.