قال الحافظ: وليس بمستبعد أن يكون كلّ منهما كلّم أباه في ذلك، ولعلّ نافعًا حضر كلام عبد الله المكبّر مع أخيه سالم، ولم يحضر كلام عبيد الله المصغّر مع أخيه سالم أيضًا، بل أخبراه بذلك، فقصّ عن كلّ ما انتهى إليه علمه. انتهى كلام الحافظ رحمه الله.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: قوله: "ووقع في رواية جويرية عبيد الله مصغرًا إلخ " هكذا في رواية البخاريّ من رواية محمد بن عبد الله بن أسماء، عن جويرية، وإلا فرواية جويرية عند النسائيّ من طريق عبد الله بن يزيد المقرئ عنه:"عبد الله بن عبد الله" مكبرًا، وهذا الاختلاف يدلّ على أن المكبر أصحّ كما قاله البيهقيّ، والله تعالى أعلم.
(فِي الْفِتْنَةِ) أي في أيام فتنة ابن الزبير، وفي الرواية التالية:"حين نزل الحجاج لقتال ابن الزبير"؛ أي جاء ليقاتله من قبل مروان بن الحكم، وفي رواية جويرية عند النسائيّ:"لما نزل الجيش بابن الزبير قبل أن يُقتل"، وفي رواية للبخاريّ:"ليالي نزل الجيش بابن الزبير"، وفي رواية له:"أراد ابن عمر الحجّ عام حجّ الحروريّة"، قال الحافظ: قوله في هذه الرواية: "عام حجة الحرورية"، وفي رواية الكشميهني:"حج الحرورية في عهد ابن الزبير" مغاير لقوله في "باب طواف القارن" من رواية الليث، عن نافع:"عام نزل الحجاج بابن الزبير"؛ لأن حجة الحرورية كانت في السنة التي مات فيها يزيد بن معاوية، سنة أربع وستين، وذلك قبل أن يتسمّى ابن الزبير بالخلافة، ونزول الحجاج بابن الزبير كان في سنة ثلاث وسبعين، وذلك في آخر أيام ابن الزبير، فإما أن يُحْمَل على أن الراوي أطلق على الحجاج، وأتباعه حرورية؛ لجامع ما بينهم من الخروج على أئمة الحقّ، وإما أن يُحْمَل على تعدّد القصّة. انتهى.
وقال القرطبيّ رحمه الله: وكان من شأن ابن الزبير أنه لما مات معاوية بن يزيد بن معاوية، ولم يستخلف، بقي الناس لا خليفة لهم جمادين، وأيامًا، من رجب، من سنة أربع وستين، فاجتمع من كان بمكة من أهل الحلّ والعقد، فبايعوا عبد الله بن الزبير لتسع ليال بقين من رجب من السنة المذكورة، واستوسق له سلطان الجحاز، والعراق، وخراسان، وأعمال المشرق، وبايع أهل الشام، ومصر مروان بن الحكم في شهر رجب المذكور، ثم لم يزل