للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أمرهما كذلك إلى أن توفّي مروان، وولي ابنه عبد الملك، فمنع الناس من الحجّ؛ لئلا يبايعوا ابن الزبير، ثم إنه جيّش الجيوش إلى الحجاز، وأمّر عليهم الحجّاج، فقاتل أهل مكة، وحاصرهم إلى أن تغلّب عليهم، وقتل ابن الزبير، وصلبه، وذلك يوم الثلاثاء، لثلاث ليال، وقيل: لثلاث عشرة بقيت من جمادى الآخرة، سنة ثلاث وسبعين. انتهى (١).

(مُعْتَمِرًا) وفي الرواية التالية: "أراد ابن عمر الحجّ"، قال الحافظ رحمه الله: لا اختلاف بينهما؛ فإنه خرج أوّلًا يريد الحجّ، فلما ذكروا له أمر الفتنة أحرم بالعمرة، ثم قال: ما شأنهما إلا واحدًا، فأضاف إليها الحجّ، فصار قارنًا. انتهى (٢).

(وَقَالَ) ابن عمر بعد أن ذكروا الفتنة، ففي الرواية التالية: "أن عبد الله بن عبد الله، وسالم ابن عبد الله كلّما عبد الله حين نزل الحجّاج لقتال ابن الزبير، قالا: لا يضرّك أن لا تحجّ العام، فإنا نخشى أن يكون بين الناس قتالٌ يُحال بينك وبين البيت".

ووقع في رواية البخاريّ من طريق أيوب، عن نافع، أن القائل هو ولده عبد الله بن عبد الله، ولفظه: "قال عبد الله بن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- لأبيه: أقم، فإني لا آمن أن ستُصدّ عن البيت … ".

(إِنْ صُدِدْتُ) بالبناء للمفعول (عَن الْبَيْتِ) أي منِعتُ عن الوصول إليه، وأداء النسك (صَنَعْنَا) أي هو ومن معه من أصحابه (كلمَا صَنَعْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه سلم -) "ما" اسم موصول؛ أي كالذي صنعناه معه -صلى الله عليه وسلم-، أو حرف مصدريّ؛ أي كصنعنا معه -صلى الله عليه وسلم-؛ يعني أنه إن صُدّ عن البيت حلّ من إحرامه، كما حلّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأصحابه، حين أُحصروا بالحديبية؛ إذ صدّهم المشركون عن البيت.

وقال النوويّ: وأما قوله: "صنعنا كما صنعنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلخ": فالصواب في معناه أنه أراد إن صُدِدتُ، وحُصرت تحللت كما تحللنا عام الحديبية مع النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وقال القاضي: يَحْتَمِل أنه أراد: أُهِلّ بعمرة كما أَهلّ


(١) "المفهم" ٣٥٥/ ٣، ٣٥٦.
(٢) "الفتح" ٥/ ٥٣.