للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إدخاله الحجّ على العمرة بعد مضيّ أربعة أشواط لم يصحّ.

وقال ابن القاسم: يصحّ ما لم يكمل الطواف. وعنه رواية أخرى: ما لم يركع ركعتي الطواف.

وقال القاضي أبو محمد من المالكيّة: يصحّ ما لم يكمل السعي.

فهذا مع ما تقدّم عن أشهب أربعة أقوال عند المالكية. وشذّ بعض الناس فمنع إدخال الحجّ على العمرة، وقال: لا يُدخَل إحرام على إحرام، كما لا تُدخل صلاة على صلاة، وحكاه ابن عبد البرّ عن أبي ثور، ثم نقل الإجماع على خلافه.

وأما إدخال العمرة على الحجّ فمنعه الجمهور، وهو قول مالك، والشافعيّ، وأحمد. وجوّزه أبو حنيفة، وهو قول قديم للشافعيّ، قاله وليّ الدين.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: ما ذهب إليه الإمام أبو حنيفة رحمه الله من جواز إدخال الحجّ على العمرة هو الحقّ عندي؛ لأن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- فعله، ولم يرد نصّ يمنع عنه، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الخامسة): في اختلاف أهل العلم في المراد بالإحصار في الحجّ والعمرة:

ذهب كثير من الصحابة، فمن بعدهم إلى أنّ الإحصار من كلّ حابس حبس الحاجّ، من عدوّ، ومرض، وغير ذلك، حتى أفتى ابن مسعود -رضي الله عنه- رجلًا لُدِغ بأنه محصر، أخرجه ابن جرير بإسناد صحيح عنه.

وإلى هذا القول مال الإمام البخاريّ رحمه الله في "صحيحه"، كما بيّنه الحافظ في "الفتح"، وهو ظاهر مذهب النسائيّ، كما بيّنته في "شرحي"، وهو مذهب النخعيّ والكوفيين، فإنهم ذهبوا إلى أن الحصر الكسرُ، والمرضُ، والخوفُ.

واحتجّوا بحديث حجاج بن عمرو الأنصاريّ -رضي الله عنه- مرفوعًا: "من عَرَجَ، أو كُسِر، فقد حلّ، وعليه حجة أخرى"، وهو حديث صحيح، أخرجه أحمد، وأصحاب السنن، وبما رواه ابن المنذر من طريق علي بن طلحة، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- في قوله تعالى: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ} قال: من أحرم بحجّ، أو عمرة، ثم