٥ - (أَنَسُ) بن مالك بن النضر بن ضمضم الأنصاريّ الخزرجيّ الخادم الشهير -رضي الله عنه-، مات سنة (٢ أو ٩٣)(ع) تقدم في "المقدمة" ٢/ ٣.
لطائف هذا الإسناد:
١ - (منها): أنه من خُماسيّات المصنّف رَحِمَهُ اللهُ.
٢ - (ومنها): أن رجاله رجال الجماعة، سوى شيخه، كما أسلفته آنفًا.
٣ - (ومنها): أنه مسلسلٌ بالبصريين، سوى شيخه، فبغداديّ، وهشيم فواسطيّ.
٤ - (ومنها): أن فيه رواية تابعيّ عن تابعيّ، وفيه أنس -رضي الله عنه- من المكثرين السبعة.
شرح الحديث:
(عَنْ أنَسٍ -رضي الله عنه-) أنه (قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- يُلَبِّي بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ جَمِيعًا) أي قارنًا، وهذا صريح في أنه -صلى الله عليه وسلم- لا زال قارنًا، وأحسن ما يُجمع به بينه وبين حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- المذكور قبله أن يُحمل حديثه على تلبيته -صلى الله عليه وسلم- من مكة بعد أداء العمرة، وتوجهه إلى منى، أو يُحمل على أنه -صلى الله عليه وسلم- كان يلبّي أحيانًا فيقول: لبيك حجة، فأخبر به ابن عمر - رضي الله عنهما -، كما كان يقول أحيانًا: لبيك حجة وعمرة، فأخبر به أنس زعنه، فتأمّل، والله تعالى أعلم.
وقال القرطبيّ رَحِمَهُ اللهُ: دلّ حديث أنس -رضي الله عنه- هذا في أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أحرم قارنًا، ولا يُلْتَفَت لقول من قال: إن أنسًا لعلَّه لم يضبط القضية؛ لصغره حينئذ؛ لأنه قد أنكر ذلك بقوله:"ما تعدُّونا إلا صبيانًا"، ولأنه وإن كان صغيرًا حال التحمُّل؛ فقد حدَّث به، وأدّاه كبيرًا متثبتًا ناقلًا للفظ النبي -صلى الله عليه وسلم- نقل الجازم المحقِّق المنكر على من يظن به شيئًا من ذلك، فلا يحلّ أن يقال شيء من ذلك، ولأنه قد وافقه البراء بن عازب -رضي الله عنهما- على نقل لفظ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- الدَّال على قرانه؛ إذ قال لعلي:"إني سقت الهدي، وقرنت"؛ على ما خرَّجه النسائي، وهو حديث صحيح، ووافقهما حديث عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- الذي قال فيه:"إن الملك أتاه، فقال: صلِّ في هذا الوادي المبارك، وقل: عمرة في حجَّة"، وفي معنى ذلك حديث ابن عمر المتقدم الذي قال فيه: "إنه -صلى الله عليه وسلم- أهلّ بالعمرة،