للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

رَجُلٌ) قال صاحب "التنبيه": لا أعرفه. انتهى (١). (فَقَالَ: أَيَصْلُحُ لِي أَنْ أَطُوفَ بِالْبَيْتِ قَبْلَ أَنْ آتِيَ الْمَوْقِفَ) أي موقف عرفة (فَقَالَ) ابن عمر -رضي الله عنهما- (نَعَمْ) وفي الرواية التالية: "قال: وما يمنعك؟ " (فَقَالَ) الرجل السائل (فَإِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: لَا تَطُفْ بِالْبَيْتِ حَتَّى تَأْتِيَ الْمَوْقِفَ) زاد في الرواية التالية: "وأنت أحبّ إلينا منه، رأيناه قد فتنته الدنيا، فقال: وأينا لم تفتنة الدنيا؟ (فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ) -رضي الله عنهما- (فَقَدْ حَجَّ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-) وفي الرواية التالية: "رأينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أحرم بالحجّ" (فَطَافَ بِالْبَيْتِ) زاد في الرواية التالية: "وسعى بين الصفا والمروة" (قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ الْمَوْقِفَ) يعني أنه -صلى الله عليه وسلم- ابتدأ بالطواف والسعي قبل خروجه إلى منى وعرفة (فَبِقَوْلِ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أَحَق أَنْ تَأْخُذَ) بتاء الخطاب، وفي بعض النسخ: "أن نأخذ" بنون المتكلّم (أَوْ بِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ) -رضي الله عنهما- (إِنْ كُنْتَ صَادِقًا) وفي الرواية التالية: "فسنة الله، وسنّة رسوله -صلى الله عليه وسلم- أحقُّ أن تتبع من سنة فلان، إن كنت صادقًا قال النوويّ رَحِمَهُ اللهُ: قوله: "إن كنت صادقًا" معناه: إن كنت صادقًا في إسلامك، واتباعك رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فلا تعدل عن فعله، وطريقته إلى قول ابن عباس، وغيره. انتهى (٢).

وقال القرطبيّ رَحِمَهُ اللهُ: قوله: "إن كنت صادقًا" ورَعٌ منه لئلا يذكر ابن عباس بشيء ما ثبت عنه.

ويمكن أن يُحمل إطلاق فتيا ابن عباس على الْمُرَاهَق (٣)، فإنه لا يُخاطب بطواف القدوم، أو يكون ابن عباس سئل عن طواف الإفاضة، فأجاب بأنه لا يفعل إلا بعد الوقوف، وهو الحقّ. انتهى.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا التأويل الذي ذكره القرطبيّ فيه نظر لا يخفى، فإن الروايات التي سنذكرها في المسألة الرابعة لا توافق التأويل المذكور، فإن ابن عباس -رضي الله عنهما- كان يقول: إذا طاف المحرم بالبيت قبل الوقوف حلّ من إحرامه، فهذا صريح في كونه لا يرى طواف القدوم، وقد خالف بذلك


(١) "تنبيه المعلم" (ص ٢١٩).
(٢) "شرح النوويّ" ٨/ ٢١٨.
(٣) بصيغة اسم المفعول، وهو الذي ضاق عليه الوقت بالتأخير، حتى يخاف فوت الوقوف بعرفة. أفاده في "النهاية" ٢/ ٢٧٤.