للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

البخاريّ، وأكثر ما تُستعمل "قطّ" في النفي ماضيًا، قال في "القاموس": وتختصّ بالنفي ماضيًا، وتقول العامّة: لا أفعله قطّ، وفي مواضع من"صحيح البخاريّ" جاء بعد المثبت، منها في "الكسوف": "أطول صلاة صليتها قطُّ"، وفي "سنن أبي داود": "توضّأ ثلاثًا قطّ"، وأثبته ابن مالك في "الشواهد" لغةً، قال: وهي مما خَفِي على كثير من النحاة. انتهى (١)، وقد تقدّم هذا البحث مستوفًى في غير هذا الموضع من هذا الشرح، وبالله تعالى التوفيق.

(فَلَمَّا مَسَحُوا الرُّكْنَ) أي استلموا الحجر الأسود (حَلُّوا) قال القرطبيّ رَحِمَهُ اللهُ: يعني بذلك لمس الحجر في آخر الطَّواف، ولم يذكر السعي بين الصفا والمروة؛ لأنه قد صار من المعلوم ملازمة السعي للطواف، فاكتفى بذكره عنه، وأيضًا: فقد وردت أخبار عن هؤلاء المذكورين: بأنهم سعوا بعد طوافهم، فتكمل الرواية الناقصة، ويرتفع الإشكال. انتهى (٢).

وقال النوويّ رَحِمَهُ اللهُ: قولها: "فلما مسحوا الركن حَلُّوا" هذا متأوَّل عن ظاهره؛ لأن الركن هو الحجر الأسود، ومسحه يكون في أول الطواف، ولا يحصل التحلل بمجرد مسحه بإجماع المسلمين، وتقديره: فلما مسحوا الركن، وأتموا طوافهم، وسعيهم، وحلقوا، أو قصروا أحلوا، ولا بد من تقدير هذا المحذوف، وإنما حذفته للعلم به، وقد أجمعوا على أنه لا يتحلل قبل إتمام الطواف، ومذهبنا، ومذهب الجمهور، أنه لا بدّ أيضًا من السعي بعده، ثم الحلق، أو التقصير، وشذّ بعض السلف، فقال: السعي ليس بواجب، ولا حجة لهذا القائل في هذا الحديث؛ لأدى ظاهره غير مراد بالإجماع، فيتعيّن تأويله كما ذكرنا؛ ليكون موافقًا لباقي الأحاديث. انتهى (٣).

[تنبيه]: قال النوويّ رَحِمَهُ اللهُ: المراد بالماسحين مَن سوى عائشة، وإلا فعائشة لم تمسح الركن قبل الوقوف بعرفات في حجة الوداع، بل كانت قارنةً، ومنعها الحيض من الطواف قبل يوم النحر، وهكذا قول أسماء بعد هذا: اعتمرت أنا، وأختي عائشة، والزبير، وفلان، وفلان، فلما مسحنا البيت


(١) "القاموس المحيط" ٢/ ٣٨٠.
(٢) "المفهم" ٣/ ٣٦٢.
(٣) "شرح النوويّ" ٨/ ٢٢٢.