العكس، فهذا المعنى واضح تدلّ عليه الأحاديث، ويجتمع به متفرّقها، فتبصر.
(وَأَهَلَّ أَصْحَابُهُ بِحَجٍّ) المراد غالبهم، أو بالنظر لأول أحوالهم، فإنهم ما كانوا يرون في أشهر الحجّ إلا الحج، حتى أمرهم النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بالتحلل بعمل العمرة، والله تعالى أعلم.
(فَلَمْ يَحِلَّ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- وَلَا مَنْ سَاقَ الْهَدْيَ مِنْ أَصْحَابِهِ) أي بفسخ الحجّ إلى العمرة، بل استمرّوا على إحرامهم حتى حلّوا منهما جميعًا يوم النحر (وَحَلَّ بَقِيَّتُهُمْ) أي الذين ليس معهم هدي (فَكَانَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ) أحد العشرة المبشّرين بالجنّة المتوفّى سنة ستّ وثلاثين (فِيمَنْ سَاقَ الْهَدْيَ، فَلَمْ يَحِلَّ) هكذا رواية معاذ بن معاذ، عن شعبة، جعل طلحة بن عبيد الله فيمن ساق الهدي، فلم يحلّ، وتابعه عليه أبو داود الطيالسيّ، عن شعبة، عند البيهقيّ، فقال:"وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وطلحة ممن كان معهما الهدي".
وهذه الرواية تخالف الرواية التالية من طريق غندر، عن شعبة، حيث جعل طلحة فيمن لم يسق الهدي، وتابعه عليه رَوْح بن عبادة، عن شعبة، عند البيهقيّ أيضًا، فقال:"وكان ممن لم يكن معه الهدي طلحة بن عبيد الله، ورجل آخر، فأحلّا".
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: الصحيح في هذا رواية معاذ بن معاذ، وأبي داود الطيالسي، أن طلحة ممن ساق الهدي، والدليل على ذلك حديث جابر -رضي الله عنه- عند البخاريّ من طريق عطاء، عن جابر -رضي الله عنه- قال:"أهلّ النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، هو وأصحابه بالحجّ، وليس مع أحد منهم هديٌ غير النبيّ -صلى الله عليه وسلم- وطلحة … ". فهذا موافق لرواية معاذ، وأبي داود، فتترجح على رواية غندر، ورَوح.
والحاصل أن طلحة بن عبيد الله -رضي الله عنه- ممن أهدى، فلم يحلّ حتى بلغ الهدي محله، والله تعالى أعلم.
[فإن قلت]: حديث جابر -رضي الله عنه- هذا مخالف لما رواه أحمد، ومسلم،