للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والقتل، لكن قتل هذا، والزنا بهذا أكبر وأفحش، وقد روى أحمد (١)، من حديث المقداد بن الأسود - رضي الله عنه -، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما تقولون في الزنا؟ "، قالوا: حرام، قال: "لأن يزني الرجل بعشرة نسوة أيسر عليه من أن يزني بامرأة جاره" (٢).

قال القرطبي رحمه الله تعالى: ظاهر هذا أن هذه الآية نزلت بسبب هذا الذَّنْب الذي ذكره النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، وليس كذلك؛ لأن الترمذيّ قد روى هذا الحديث، وقال فيه: وتلا النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - هذه الآية: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} الآية، بدل "فأنزل الله"، وظاهره أنه - صلى الله عليه وسلم - قرأ بعد ذكر هذا الحديث ما قد كان أُنزل منها، على أن الآية تضمّنت ما ذكره في حديثه بحكم عمومها. انتهى كلام القرطبيّ (٣).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هكذا رجَّح القرطبيّ رواية الترمذيّ على رواية الشيخين، من أن الآية نزلت بسبب هذا السؤال، لكن الذي يظهر أن ما فيهما أصحّ، فتبصّر، والله تعالى أعلم.


(١) قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى في "مسنده":
(٣٣٣٤٢) - حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا محمد بن فضيل بن غزوان، حدثنا محمد بن سعد الأنصاري، قال: سمعت أبا ظبية الكلاعي، يقول: سمعت المقداد بن الأسود، يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه: "ما تقولون في الزنا؟ "، قالوا: حرَّمه الله ورسوله، فهو حرام إلى يوم القيامة، قال: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه: "لأن يزني الرجل بعشر نسوة، أيسر عليه من أن يزني بامرأة جاره"، قال: فقال: ما تقولون في السرقة؟ "، قالوا: حرّمها الله ورسوله، فهي حرام، قال: "لأن يسرق الرجل من عشرة أبيات، أيسر عليه من أن يسرق من جاره".
وهذا إسناد صحيح، ومحمد بن سعد الأنصاريّ، روى عنه جماعة، وقال فيه ابن معين: ليس به بأس، ووثقه ابن حبّان، وأبو ظبيَّة الكلاعيّ روى عنه جماعة، ووثقه ابن معين، وابن حبان، وقال الدارقطنيّ: لا بأس به، والباقون من رجال الصحيح.
(٢) "فتح" ٨/ ٣٥٢ "كتاب التفسير" رقم (٤٧٦٥).
(٣) "المفهم" ١/ ٢٨١ - ٢٨٢.