للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لخروجهم إلى البلاد، يقال لها: الصفرية، يمتارون منها، وقيل: لأنهم كانوا يخروجون إلى الغارة، فتبقى بيوتهم صفرًا.

وفي "العلم المشهور" لأبي الخطاب: العرب تقول: صفر، وصفران، وصفارين، وأصفار، قال: وقيل: إن العرب كانوا يزيدون في كل أربع سنين شهرًا يسمونه صفرًا، فتكون السنة ثلاثة عشر شهرًا، ولذلك قال -صلى الله عليه وسلم-: "السنة اثنا عشر شهرًا". وكانوا يتطيّرون به، ويقولون: إن الأمور فيه منغلقة، والآفات فيه واقعة. انتهى (١).

(وَيَقُولُونَ: إِذَا بَرَأَ) بفتحتين، وآخره همزة، وتخفف بقلبها ألفًا (الدَّبَرْ) بفتح المهملة، والموحّدة: أي زال الجرح الذي كان يحصل بظهور الإبل من الحمل عليها، ومشقّة السفر، فإنه كان يبرأ بعد انصرافهم من الحجّ (وَعَفَا الْأَثَرْ) بهمزة، ومثلثة مفتوحتين: أي اندرس، وانمحى أثر الإبل، وغيرها في سيرها، فإنه ينمحي لطول مرور الزمان والأيام، هذا هو المشهور، وقال الخطابيّ: المراد أثر الدبر المذكور.

وقال القرطبيّ: و"عفا" من الأضداد، يقال: عفا الشيء: كثُر، وقلّ، وظهر، وخفي مثله. انتهى (٢).

وفي رواية النسائيّ: "وَعَفَا الْوَبَرْ"؛ أي كثر وَبَرُ الإبل الذي قلعته رحال الحجّ، و"الوَبَر" -بفتحتين-: للبعير كالصوف للغنم، وهو في الأصل: مصدرٌ، من باب تعب، وبَعِيرٌ وَبِز بالكسر كثير الوَبَر، وناقةٌ وَبِرَةٌ، والجمع أوبار، مثل سبب وأسباب. قاله الفيّوميّ.

(وَانْسَلَخَ صَفَرْ) أي خرج شهر صفر الذي جعلوه بدل المحرّم (حَلَّتْ الْعُمْرَةُ لِمَنْ اعْتَمَرْ) أي صار الإحرام بالعمرة لمن أراد أن يحرم بها جائزًا.

[فائدة]: قال النوويّ رَحِمَهُ اللهُ: هذه الألفاظ تقرأ كلها ساكنة الآخر، ويوقف عليها؛ لأن مرادهم السجع.

وقال الكرمانيّ: ما وجه تعلق انسلاخ صفر بالاعتمار في أشهر الحجّ الذي هو المقصود من الحديث، والمحرم، وصفر ليسا من أشهر الحجّ؟.


(١) "عمدة القاري" ٨/ ٣٥، ٣٦.
(٢) "المفهم" ٣/ ٣٦٣.