للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وفي الشرع: هو أن يُشَقّ أحد سنامي البدن، ويُطعن فيه حتى يسيل دمها؛ ليُعرف أنَّها هديٌ، وتتميّز إن خُلِطت، وتُعرف إن ضلّت، وَيرتدع عنها السُّرّاق، ويأكلها الفقراء؛ إذا ذُبحت في الطريق لخوف الهلاك. انتهى.

(فِي صَفْحَةِ سَنَامِهَا الْأَيْمَنِ) "الصفحة": الجانب، و"السنام": أعلى ظهر البعير، و"الأيمن" صفة "صفحة"، وذكّره لمجاورته لـ "سنام"، وهو مذكّر، أو على تأويل "صفحة" بجانب.

وقال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: أما الإشعار، فهو أن يَجرحها في صفحة سنامها اليمنى بِحَرْبة، أو سكين، أو حديدة، أو نحوها، ثم يَسْلُت الدم عنها، وأصل الإشعار، والشعور: الإعلام، والعلامة، وإشعار الهدي؛ لكونه علامة له، وهو مستحبّ؛ لِيُعْلَم أنه هديٌ، فإن ضلّ ردّه واجده، وإن اختلط بغيره تميز، ولأن فيه إظهار شعار الله تعالى، وفيه تنبيه غير صاحبه على فعل مثل فعله.

وأما صفحة السنام، فهي جانبه، والصفحة مؤنثة، فقوله: "الأيمن" بلفظ التذكير يتأول على أنه وصفٌ لمعنى الصفحة، لا للفظها، ويكون المراد بالصفحة الجانب، فكأنه قال: جانب سنامها الأيمن. انتهى (١).

وفي رواية النسائيّ: "أشعر بُدنه مِنَ الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ"، وفي رواية: "فأشعر في سنامها من الشقّ الأيمن"، وفي رواية: "أشعر الهدي في جانب السنام الأيمن".

(وَسَلَتَ الدَّمَ) وفي رواية النسائيّ: "وَسَلَتَ الدم عنها"، بمهملة، ولام، ثم مثناة: أي مسحه، وأماطه، وأزاله عن صفحة سنامها، زاد في رواية أبي داود: "بيده"، وفي أخرى عنده: "بإصبَعِه"، قال الخطابيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: سَلَتَ الدم بيده: أي أماطه بإصبعه، وأصل السَّلْت: القطع، يقال: سَلَتَ الله أنف فلان - من باب قتل -: أي جدعه. انتهى.

(وَقَلَّدَهَا نَعْلَيْنِ) تقليد الهدي: "هو أن يعلّق بعنق البعير قطعة من جلد؛ ليُعلَم أنه هديٌ، فيكفّ الناس عنه، قاله الفيّوميّ - رَحِمَهُ اللهُ -.

وقال في "اللسان": القلادة: هي ما يُجعل في العنق، يكون للإنسان،


(١) "شرح النوويّ" ٨/ ٢٢٨.